responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 579
عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النُّعْمَانُ بن بشير يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ مِنْ الْحِنْطَةِ خَمْرًا, وَإِنَّ مِنْ الشَّعِيرِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنْ الزَّبِيبِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنْ التَّمْرِ خَمْرًا وَإِنَّ مِنْ الْعَسَلِ خَمْرًا" وَلَمْ يَقُلْ إنَّ جَمِيعَ مَا يَكُونُ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ خَمْرٌ, وَإِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّ مِنْهَا خَمْرًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَا يُسْكِرُ مِنْهُ فَيَكُونُ مُحَرَّمًا فِي تِلْكَ الْحَالِ, لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ اسْمٌ لِهَذِهِ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ; لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ بِأَسَانِيدَ أَصَحَّ مِنْ إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ الْخَمْرُ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ, وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيِّ وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ: النَّخْلَةِ وَالْعِنَبِ". وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَمَّارٍ الْمُوصِلِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدٍ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْن عَمَّارٍ عَنْ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ: النَّخْلِ وَالْعِنَبِ". وَهَذَا الْخَبَرُ يَقْضِي عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ بِصِحَّةِ سَنَدِهِ, وَقَدْ تَضَمَّنَ نَفِيَ اسْمِ الْخَمْرِ عَنْ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: "الْخَمْرُ" اسْمٌ لِلْجِنْسِ, فَاسْتَوْعَبَ بِذَلِكَ جَمِيعَ مَا يُسَمَّى خَمْرًا, فَانْتَفَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ مِنْ غَيْرِهِمَا مُسَمًّى بِاسْمِ الْخَمْرِ. وَاقْتَضَى هَذَا الْخَبَرُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ مِنْ الْخَارِجِ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ, وَهُوَ عَلَى أَوَّلِ الْخَارِجِ مِنْهُمَا مِمَّا يُسْكِرُ مِنْهُ, وَذَلِكَ هُوَ الْعَصِيرُ النِّيُّ الْمُشْتَدُّ وَنَقِيعُ التَّمْرِ وَالْبُسْرِ قَبْلَ أَنْ تُغَيِّرَهُ النَّارُ لِأَنَّ قَوْلَهُ: "مِنْهُمَا" يَقْتَضِي أَوَّلَ خَارِجٍ مِنْهُمَا مِمَّا يُسْكِرُ.
وَاَلَّذِي حَصَلَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ مِنْ الْخَمْرِ هُوَ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ النِّيّ الْمُشْتَدِّ إذَا غَلَا وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ, فَيَحْتَمِلُ عَلَى هَذَا إذَا كَانَ الْخَمْرُ مَا وَصَفْنَا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ" أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهَا مِنْ إحْدَاهُمَا, كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: 130] وَإِنَّمَا الرُّسُلُ مِنْ الْإِنْسِ, وَقَالَ تَعَالَى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن:22] وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِهِمَا.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخَمْرَ هُوَ مَا ذَكَرْنَا وَأَنَّ مَا عَدَاهَا لَيْسَ بِخَمْرٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ اتِّفَاقُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَكْفِيرِ مُسْتَحِلِّ الْخَمْرِ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ وَاتِّفَاقُهُمْ عَلَى أَنَّ مُسْتَحِلَّ مَا سِوَاهَا مِنْ هَذِهِ الْأَشْرِبَةِ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِسِمَةِ الْكُفْرِ, فَلَوْ كَانَتْ خَمْرًا لَكَانَ مُسْتَحِلُّهَا كَافِرًا خَارِجًا عَنْ الْمِلَّةِ كَمُسْتَحِلِّ النِّيّ الْمُشْتَدِّ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ, وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْخَمْرِ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ مَا وَصَفْنَا. وَزَعَمَ بَعْضُ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ الْوَرَعِ إلَّا تَشَدُّدَهُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 579
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست