responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 577
بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} اقْتَضَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أحدهما: قوله: {رِجْسٌ} لِأَنَّ الرِّجْسَ اسْمٌ فِي الشَّرْعِ لِمَا يَلْزَمُ اجْتِنَابُهُ; وَيَقَعُ اسْمُ الرِّجْسِ عَلَى الشَّيْءِ الْمُسْتَقْذَرِ النَّجِسِ, وَهَذَا أَيْضًا يَلْزَمُ اجْتِنَابُهُ فَأَوْجَبَ وَصْفُهُ إياها بأنها رجس لزوم اجتنابها. والوجه

بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} اقْتَضَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أحدهما: قوله: {رِجْسٌ} لِأَنَّ الرِّجْسَ اسْمٌ فِي الشَّرْعِ لِمَا يَلْزَمُ اجْتِنَابُهُ; وَيَقَعُ اسْمُ الرِّجْسِ عَلَى الشَّيْءِ الْمُسْتَقْذَرِ النَّجِسِ, وَهَذَا أَيْضًا يَلْزَمُ اجْتِنَابُهُ فَأَوْجَبَ وَصْفُهُ إيَّاهَا بِأَنَّهَا رِجْسٌ لُزُومَ اجْتِنَابِهَا. وَالْوَجْهُ

لِأَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَكُونُ عُرْيَانًا غَيْرَ مُكْتَسٍ, وَأَمَّا الْإِزَارُ وَالْقَمِيصُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ يَعُمُّ بَدَنَهُ حَتَّى يُطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمُكْتَسِي, فَلِذَلِكَ أَجْزَأَهُ.
قَوْله تَعَالَى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} يَعْنِي عِتْقَ رَقَبَةٍ, وَتَحْرِيرُهَا إيقَاعُ الْحُرِّيَّةِ عَلَيْهَا. وَذَكَرَ الرَّقَبَةَ وَأَرَادَ بِهِ جُمْلَةَ الشَّخْصِ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْأَسِيرِ الَّذِي تُفَكُّ رَقَبَتُهُ وَيُطْلَقُ, فَصَارَتْ الرَّقَبَةُ عِبَارَةً عَنْ الشَّخْصِ; وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا قَالَ: "رَقَبَتُك حُرَّةٌ" إنَّهُ يُعْتَقُ, كَقَوْلِهِ" أَنْتَ حُرٌّ". وَاقْتَضَى اللَّفْظُ رَقَبَةً سَلِيمَةً مِنْ الْعَاهَاتِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلشَّخْصِ بِكَمَالِهِ, إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ النَّقْصَ الْيَسِيرَ لَا يَمْنَعُ جَوَازَهَا, فَاعْتَبَرَ أَصْحَابُنَا بَقَاءَ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ فِي جَوَازِهَا وَجَعَلُوا فَوَاتَ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ مِنْ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ مَانِعًا لِجَوَازِهَا.
قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} رَوَى مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيٍّ: "فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ". وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: فِي قِرَاءَتِنَا: "فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ" وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدُ وَإِبْرَاهِيمُ وَقَتَادَةُ وَطَاوُسُ: "هُنَّ مُتَتَابِعَاتٌ لَا يُجْزِي فِيهَا التَّفْرِيقُ". فَثَبَتَ التَّتَابُعُ بِقَوْلِ هَؤُلَاءِ. وَلَمْ تَثْبُتْ التِّلَاوَةُ لِجَوَازِ كَوْنِ التِّلَاوَةِ مَنْسُوخَةً وَالْحُكْمُ ثَابِتًا, وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: "يُجْزِي فِيهِ التَّفْرِيقُ". وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.
وقَوْله تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} يَقْتَضِي إيجَابُ التَّكْفِيرِ مَعَ الْقُدْرَةِ مَعَ بَقَاءِ الْخِطَابِ بِالْكَفَّارَةِ, وَإِنَّمَا يَجُوزُ الصَّوْمُ مَعَ عَدَمِ الْمَذْكُورِ بَدِيًّا لِأَنَّهُ قَالَ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} فَنَقَلَهُ عَنْ أَحَدِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ إلَى الصَّوْمِ عِنْدَ عَدَمِهَا, فَمَا دَامَ الْخِطَابُ بِالْكَفَّارَةِ قَائِمًا عَلَيْهِ لَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ, وَدُخُولُهُ فِي الصَّوْمِ لَمْ يُسْقِطْ عَنْهُ الْخِطَابَ بِأَحَدِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي صَوْمِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ وَهُوَ وَاجِدٌ لِلرَّقَبَةِ لَمْ يُجْزِ الصَّوْمُ مَعَ وُجُودِهَا, فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ دُخُولَهُ فِي الصَّوْمِ لَمْ يُسْقِطْ عَنْهُ فَرْضَ الْأَصْلِ, فَلَا فَرْقَ بَيْنَ وُجُودِ الرَّقَبَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّوْمِ وَبَعْدَهُ; إذْ كَانَ الْخِطَابُ بِالتَّكْفِيرِ قَائِمًا عَلَيْهِ في الحالين.

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 577
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست