responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 565
مطلب: في الدليل على بطلان قول الممتنعين عن اكل اللحوم والأطعمة اللذيذة تزهدا
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الممتنعين من أكل اللحوم والأطعمة اللذيذة

أَكَلَ مِنْهُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَغْصِبَ طَعَامَ غَيْرِهِ فَيَخْلِطَهُ بِطَعَامِهِ فَيُحَرِّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى يَغْرَمَ لِصَاحِبِهِ مِثْلَهُ. رَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي إذَا أَكَلْت اللَّحْمَ انْتَشَرْت فَحَرَّمْته عَلَى نَفْسِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} الْآيَةَ. وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ ناس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَمُّوا بِتَرْكِ اللَّحْمِ وَالنِّسَاءِ وَالِاخْتِصَاءِ, فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} الْآيَةَ, فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "لَيْسَ فِي دِينِي تَرْكُ النِّسَاءِ وَلَا اللَّحْمِ وَلَا اتِّخَاذُ الصَّوَامِعِ". وَرَوَى مَسْرُوقٌ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ, فَأُتِيَ بِضَرْعٍ, فَتَنَحَّى رَجُلٌ, فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: اُدْنُ فَكُلْ فَقَالَ: إنِّي كُنْت حَرَّمْت الضَّرْعَ; فَتَلَا عَبْدُ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} كُلْ وَكَفِّرْ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] إلَى قَوْلِهِ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] . رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مَارِيَةَ; وَرُوِيَ أَنَّهُ حَرَّمَ الْعَسَلَ عَلَى نَفْسِهِ, فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ وَأَمَرَهُ بِالْكَفَّارَةِ. وَكَذَلِكَ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعَلَمِ فِيمَنْ حَرَّمَ طَعَامًا أَوْ جَارِيَةً عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ إنْ أَكَلَ مِنْ الطَّعَامِ حَنِثَ, وَكَذَلِكَ إنْ وَطِئَ الْجَارِيَةَ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ.
وَفَرَّقَ أَصْحَابُنَا بَيْنَ مَنْ قَالَ: "وَاَللَّهِ لَا آكُلُ هَذَا الطَّعَامَ" وَبَيْنَ قَوْلِهِ: "حَرَّمْته عَلَى نَفْسِي" فَقَالُوا فِي التَّحْرِيمِ: إنْ أَكَلَ الْجُزْءَ مِنْهُ حَنِثَ, وَفِي الْيَمِينِ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ الْجَمِيعِ; وَجَعَلُوا تَحْرِيمَهُ إيَّاهُ عَلَى نَفْسِهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: "وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت مِنْهُ شَيْئًا "; إذْ كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضَى لَفْظِ التَّحْرِيمِ فِي سَائِرِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى, مِثْلُ قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] اقْتَضَى اللَّفْظُ تَحْرِيمَ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُ, فَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْإِنْسَانِ طَعَامًا يَقْتَضِي إيجَابَ الْيَمِينِ فِي أَكْلِ الْجُزْءِ مِنْهُ. وَأَمَّا الْيَمِينُ بِاَللَّهِ فِي نَفْيِ أَكْلِ هَذَا الطَّعَامِ فَإِنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْأَيْمَانِ الْمُنْتَظِمَةِ لِلشُّرُوطِ وَالْجَوَابِ, كَقَوْلِ الْقَائِلِ: "إنْ أَكَلْت هَذَا الطَّعَامَ فَعَبْدِي حَرٌّ" فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْبَعْضِ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ أَكْلَ الْجَمِيعِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائيلُ عَلَى نَفْسِهِ} [آل عمران: 93] فَرُوِيَ أَنَّ إسْرَائِيلَ أَخَذَهُ عِرْقُ النَّسَا, فَحَرَّمَ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إلَيْهِ وَهُوَ لُحُومُ الْإِبِلِ إنْ عَافَاهُ اللَّهُ, فَكَانَ ذَلِكَ تَحْرِيمًا صَحِيحًا حَاظِرًا لِمَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ. قِيلَ لَهُ: هُوَ مَنْسُوخٌ بِشَرِيعَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

مطلب: في الدليل على بطلان قول الممتنعين عن اكل اللحوم والأطعمة اللذيذة تزهدا
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْمُمْتَنِعِينَ مَنْ أَكْلِ اللُّحُومِ وَالْأَطْعِمَةِ اللَّذِيذَةِ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 565
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست