responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 425
بَابُ غَسْلِ اللِّحْيَةِ وَتَخْلِيلِهَا
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْوَجْهَ مَا وَاجَهَكَ مِنْ الْإِنْسَانِ, فَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ اللِّحْيَةُ مِنْ الْوَجْهِ لِأَنَّهَا تُوَاجِهُ الْمُقَابِلَ لَهُ غَيْرَ مُغَطَّاةٍ فِي الْأَكْثَرِ كَسَائِرِ الْوَجْهِ; وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا: خَرَجَ وَجْهُهُ, إذَا خَرَجَتْ لِحْيَتُهُ; فَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ اللِّحْيَةُ مِنْ الْوَجْهِ فَيَقْتَضِي ظَاهِرُ ذَلِكَ وُجُوبَ غَسْلِهَا; وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَتْ مِنْ الْوَجْهِ وَإِنَّمَا الْوَجْهُ مَا وَاجَهَك مِنْ بَشَرَتِهِ دُونَ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَيْهِ بَعْدَمَا كَانَتْ الْبَشَرَةُ ظاهرة دونه.

بَابُ غَسْلِ اللِّحْيَةِ وَتَخْلِيلِهَا
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْوَجْهَ مَا وَاجَهَكَ مِنْ الْإِنْسَانِ, فَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ اللِّحْيَةُ مِنْ الْوَجْهِ لِأَنَّهَا تُوَاجِهُ الْمُقَابِلَ لَهُ غَيْرَ مُغَطَّاةٍ فِي الْأَكْثَرِ كَسَائِرِ الْوَجْهِ; وَقَدْ يُقَالُ أَيْضًا: خَرَجَ وَجْهُهُ, إذَا خَرَجَتْ لِحْيَتُهُ; فَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ اللِّحْيَةُ مِنْ الْوَجْهِ فَيَقْتَضِي ظَاهِرُ ذَلِكَ وُجُوبَ غَسْلِهَا; وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَتْ مِنْ الْوَجْهِ وَإِنَّمَا الْوَجْهُ مَا وَاجَهَك مِنْ بَشَرَتِهِ دُونَ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَيْهِ بَعْدَمَا كَانَتْ الْبَشَرَةُ ظاهرة دونه.

وَنَحْوِهِمَا كَمَا يُسْتَرُ صَدْرُهُ, وَإِنْ كَانَ مَتَى ظَهَرَ كَانَ مُوَاجِهًا لِمَنْ يُقَابِلُهُ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ مَعْنَى الْوَجْهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ غَيْرُ وَاجِبَيْنِ بِالْآيَةِ; إذْ لَيْسَ دَاخِلُ الْأَنْفِ وَالْفَمِ مِنْ الْوَجْهِ; إذْ هُمَا غَيْرُ مُوَاجِهَيْنِ لِمَنْ قَابَلَهُمَا. وَإِذَا لَمْ تَقْتَضِ الْآيَةُ إيجَابَ غَسْلِهِمَا وَإِنَّمَا اقْتَضَتْ غَسْلَ مَا وَاجَهَنَا وَقَابَلَنَا مِنْهُ فَمَنْ قَالَ بِإِيجَابِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فَهُوَ زَائِدٌ فِي حُكْمِ الْفَرْضِ مَا لَيْسَ مِنْهُ, وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ يُوجِبُ نَسْخَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَالِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا" وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً: "هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ" يُوجِبُ فَرْضَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ. قِيلَ لَهُ: أَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً ثُمَّ قَالَ: "هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ", فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ تَمَضْمَضَ فِيهِ وَاسْتَنْشَقَ, وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ الْوُضُوءَ فَحَسَبِ, وَالْوُضُوءُ هُوَ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى, وَجَائِزٌ أَنْ لَا يَكُونَ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ فِي ذَلِكَ الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ تَوْقِيفَهُمْ عَلَى الْمَفْرُوضِ الَّذِي لَا يُجْزِي غَيْرُهُ; فَإِذًا لَا دَلَالَةَ فِي هَذَا الْخَبَرِ عَلَى مَا قَالَ هَذَا الْقَائِلُ, وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُزَادَ فِي حُكْمِ الْآيَةِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَالِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا" لَا يَجُوزُ الِاعْتِرَاضُ بِهِ عَلَى الْآيَةِ فِي إثْبَاتِ الزِّيَادَةِ; لِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُزَادَ فِي حُكْمِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَيْسَرَةَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَيْمُونِ بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ فَتَوَضَّأَ وَكَفَأَ عَلَى يَدَيْهِ مَرَّةً وَغَسَلَ وَجْهَهُ مَرَّةً وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ مَرَّةً وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَغَسَلَ قَدَمَيْهِ مَرَّةً, وَقَالَ: "هَذَا الْوُضُوءُ الَّذِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْنَا" , ثُمَّ أَعَادَ ذَلِكَ فَقَالَ: "مَنْ ضَاعَفَ ضَاعَفَ اللَّهُ لَهُ" , ثُمَّ أَعَادَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: " هَذَا وُضُوءُنَا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ, فَمَنْ زَادَ فَقَدْ أَسَاءَ". فَأَخْبَرَتْ بِوُضُوئِهِ مِنْ غَيْرِ مَضْمَضَةٍ وَلَا اسْتِنْشَاقٍ; لِأَنَّهُ قَصَدَ بَيَانَ الْمَفْرُوضِ مِنْهُ, وَلَوْ كَانَ فَرْضًا فِيهِ لَفَعَلَهُ.

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 425
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست