responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 42
مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105]
وَحَدَّثَنَا مَكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَطِيَّةَ الْكُوفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: لَمَّا بَلَغَ أَبَا حَنِيفَةَ قَتْلُ إبْرَاهِيمَ الصَّائِغَ بَكَى حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيَمُوتُ, فَخَلَوْت بِهِ فَقَالَ: كَانَ وَاَللَّهِ رَجُلًا عَاقِلًا, وَلَقَدْ كُنْت أَخَافُ عَلَيْهِ هَذَا الْأَمْرَ; قُلْت: وَكَيْفَ كَانَ سَبَبُهُ؟ قَالَ: كَانَ يَقْدُمُ وَيَسْأَلُنِي, وَكَانَ شَدِيدَ الْبَذْلِ لِنَفْسِهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَكَانَ شَدِيدَ الْوَرَعِ, كُنْت رُبَّمَا قَدَّمْت إلَيْهِ الشَّيْءَ فَيَسْأَلُنِي عَنْهُ, وَلَا يَرْضَاهُ, وَلَا يَذُوقُهُ وَرُبَّمَا رَضِيَهُ فَأَكْلَهُ, فَسَأَلَنِي عَنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ, إلَى أَنْ اتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّهُ فَرِيضَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ لِي: مُدَّ يَدَك حَتَّى أُبَايِعَك فَأَظْلَمَتْ الدُّنْيَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ; فَقُلْت: وَلِمَ؟ قَالَ: دَعَانِي إلَى حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ فَامْتَنَعْت عَلَيْهِ وَقُلْت لَهُ إنْ قَامَ بِهِ رَجُلٌ وَحْدَهُ قُتِلَ, وَلَمْ يَصْلُحْ لِلنَّاسِ أَمْرٌ, وَلَكِنْ إنْ وَجَدَ عَلَيْهِ أَعْوَانًا صَالِحِينَ وَرَجُلًا يَرْأَسُ عَلَيْهِمْ مَأْمُونًا عَلَى دَيْنِ اللَّهِ لَا يَحُولُ. قَالَ: وَكَانَ يَقْتَضِي ذَلِكَ كُلَّمَا قَدِمَ عَلَى تَقَاضِي الْغَرِيمِ الْمُلِحِّ كُلَّمَا قَدِمَ عَلَيَّ تَقَاضَانِي, فَأَقُولُ لَهُ: هَذَا أَمْرٌ لَا يَصْلُحُ بِوَاحِدٍ مَا أَطَاقَتْهُ الْأَنْبِيَاءُ حَتَّى عَقَدَتْ عَلَيْهِ مِنْ السَّمَاءِ, وَهَذِهِ فَرِيضَةٌ لَيْسَتْ كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ; لِأَنَّ سَائِرَ الْفَرَائِضِ يَقُومُ بِهَا الرَّجُلُ وَحْدَهُ وَهَذَا مَتَى أُمِرَ بِهِ الرَّجُلُ وَحْدَهُ أَشَاطَ بِدَمِهِ وَعَرَّضَ نَفْسَهُ لِلْقَتْلِ فَأَخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِينَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ. وَإِذَا قُتِلَ الرَّجُلُ لَمْ يَجْتَرِئْ غَيْرُهُ أَنْ يُعَرِّضَ نَفْسَهُ وَلَكِنَّهُ يَنْتَظِرُ فَقَدْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] ثُمَّ خَرَجَ إلَى مَرْوَ حَيْثُ كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ, فَكَلَّمَهُ بِكَلَامٍ غَلِيظٍ فَأَخْذَهُ, فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ فُقَهَاءُ أَهْلِ خُرَاسَانَ وَعِبَادُهُمْ حَتَّى أَطْلَقُوهُ, ثُمَّ عَاوَدَهُ فَزَجْرَهُ, ثُمَّ عَاوَدَهُ ثُمَّ قَالَ: مَا أَجِدُ شَيْئًا أَقُومُ بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى أَفْضَلَ مِنْ جِهَادِك وَلَأُجَاهِدَنَّك بِلِسَانِي لَيْسَ لِي قُوَّةٌ بِيَدِي, وَلَكِنْ يَرَانِي اللَّهُ, وَأَنَا أُبْغِضُك فِيهِ فَقَتْلَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمَّا ثَبَتَ بِمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْآثَارِ الْوَارِدَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوبُ فَرْضِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ, وَبَيَّنَّا أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ, وَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ فِي لُزُومِ فَرْضِهِ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ; لِأَنَّ تَرْكَ الْإِنْسَانِ لِبَعْضِ الْفُرُوضِ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ فُرُوضَ غَيْرِهِ, أَلَا تَرَى أَنَّ تَرْكَهُ لِلصَّلَاةِ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ فَرْضَ الصَّوْمِ وَسَائِرَ الْعِبَادَاتِ؟ فَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ سَائِرَ الْمَعْرُوفِ, وَلَمْ يَنْتَهِ عَنْ سَائِرِ الْمَنَاكِيرِ فَإِنَّ فَرْضَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ غَيْرُ سَاقِطٍ عَنْهُ. وَقَدْ رَوَى طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: اجْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ عَمِلْنَا بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْ الْمَعْرُوفِ شيء

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 42
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست