responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 395
الْكَلْبِ الَّذِي يُعَلِّمُهُ الصَّيْدَ وَيُؤَدِّبُهُ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: مُضِرِّينَ عَلَى الصَّيْدِ كَمَا تُضَرَّى الْكِلَابُ; وَالتَّكْلِيبُ هُوَ التَّضْرِيَةُ يُقَال: كَلْبٌ كَلِبٌ إذَا ضَرَّى بالناس. وليس في قوله: {مُكَلِّبِينَ} تَخْصِيصٌ لِلْكِلَابِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْجَوَارِحِ; إذْ كَانَتْ التَّضْرِيَةُ عَامَّةً فِيهِنَّ, وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ بِهِ تَأْدِيبَ الْكَلْبِ وَتَعْلِيمَهُ كَانَ ذَلِكَ عُمُومًا فِي سَائِرِ الْجَوَارِحِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيمَا قَتَلْته الْجَوَارِحُ غَيْرَ الْكَلْبِ, فَرَوَى مَرْوَانُ الْعُمَرِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: "الصَّقْرُ وَالْبَازِي مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ". وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ لَيْثٍ قَالَ: سُئِلَ مُجَاهِدٌ عَنْ الْبَازِي وَالْفَهْدِ وَمَا يُصَادُ بِهِ مِنْ السِّبَاعِ, فَقَالَ: "هَذِهِ كُلُّهَا جَوَارِحُ". وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} قَالَ: "الطَّيْرُ وَالْكِلَابُ". وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} قَالَ: "الْجَوَارِحُ الْكِلَابُ وَمَا تُعَلَّمُ مِنْ الْبُزَاةِ وَالْفُهُودِ". وَرَوَى أَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} قَالَ: "الصَّقْرُ وَالْبَازِي وَالْفَهْدُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلْبِ". وَرَوَى صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: وَجَدْت فِي كِتَابٍ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: "لَا يَصْلُحُ أَكْلُ مَا قَتَلْته الْبُزَاةُ". وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "فَأَمَّا مَا صَادَ مِنْ الطَّيْرِ الْبُزَاةُ وَغَيْرُهَا فَمَا أَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَذَكَّيْته فَهُوَ لَك وَإِلَّا فَلَا تُطْعَمْهُ". وَرَوَى سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَلِيًّا كَرِهَ مَا قَتَلَتْ الصُّقُورُ. وَرَوَى أَبُو بِشْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كان يكره صيد الطير ويقول: {مُكَلِّبِينَ} إنَّمَا هِيَ الْكِلَابُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَتَأَوَّلَ بعضهم قوله: {مُكَلِّبِينَ} عَلَى الْكِلَابِ خَاصَّةً, وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْكِلَابِ وَغَيْرِهَا; وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} شامل للطير والكلاب, ثم قوله: {مُكَلِّبِينَ} مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يُرِيدَ بِهِ الْكِلَابَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الجوارح والكلاب منها, ويكون قوله: {مُكَلِّبِينَ} بِمَعْنَى مُؤَدِّبِينَ أَوْ مُضِرِّينَ, وَلَا يُخَصَّصُ ذَلِكَ بِالْكِلَابِ دُونَ غَيْرِهَا; فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْعُمُومِ وَأَنْ لَا يُخَصَّصَ بِالِاحْتِمَالِ. وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فِي إبَاحَةِ صَيْدِ الطَّيْرِ وَإِنْ قَتَلَ وَأَنَّهُ كَصَيْدِ الْكَلْبِ; قَالَ أَصْحَابُنَا وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ: "مَا عَلَّمْت مِنْ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ وَذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ صَيْدُهُ". وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَشْهَدُ لِهَذِهِ الْمَقَالَةِ; لِأَنَّهُ أَبَاحَ صَيْدَ الْجَوَارِحِ, وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى جَمِيعِ مَا يَجْرَحُ بِنَابٍ أَوْ بِمِخْلَبٍ وَعَلَى مَا يَكْسِبُ عَلَى أَهْلِهِ بِالِاصْطِيَادِ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهِ بَيْنَ الْكَلْبِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ. وقَوْله تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَرْطَ إبَاحَةِ صَيْدِ هَذِهِ الْجَوَارِحِ أَنْ تَكُونَ مُعَلَّمَةً وَأَنَّهَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَلَّمَةً فَقَتَلَتْ لَمْ يَكُنْ مُذَكًّى وَذَلِكَ; لِأَنَّ الْخِطَابَ خَرَجَ عَلَى سُؤَالِ السَّائِلِينَ عَمَّا يَحِلُّ مِنْ الصَّيْدِ, فَأَطْلَقَ لَهُمْ إبَاحَةَ صَيْدِ الجوارح المعلمة,

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 395
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست