responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 392
يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْقُرْعَةِ فِي عِتْقِ الْعَبِيدِ; لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ بِعَيْنِهِ; إذْ كَانَ فِيهِ اتِّبَاعُ مَا أَخْرَجْته الْقُرْعَةُ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ; لِأَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَيْهِ أَوْ عَبِيدًا لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَخْرُجُوا مِنْ الثُّلُثِ فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ مُتَسَاوُونَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْحُرِّيَّةِ, فَفِي اسْتِعْمَالِ الْقُرْعَةِ إثْبَاتُ حُرِّيَّةٍ غَيْرِ مُسْتَحَقَّةٍ وَحِرْمَانُ مَنْ هُوَ مُسَاوٍ لَهُ فِيهَا, كَمَا يَتْبَعُ صَاحِبُ الْأَزْلَامِ مَا يُخْرِجُهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لَا سَبَبَ لَهُ غَيْرَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ جَازَتْ الْقُرْعَةُ فِي قِسْمَةِ الْغَنَائِمِ وَغَيْرِهَا فِي إخْرَاجِ النِّسَاءِ. قِيلَ لَهُ: إنَّمَا الْقُرْعَةُ فِيهَا لِتَطْيِيبِ نُفُوسِهِمْ وَبَرَاءَةً لِلتُّهْمَةِ مِنْ إيثَارِ بَعْضِهِمْ بِهَا, وَلَوْ اصْطَلَحُوا عَلَى ذَلِكَ جَازَ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ; وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ الْوَاقِعَةُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَغَيْرُ جَائِزٍ نَقْلُهَا عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ, وَفِي اسْتِعْمَالِ الْقُرْعَةِ نَقْلُ الْحُرِّيَّةِ عَمَّنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ إخْرَاجُهُ مِنْهَا مَعَ مُسَاوَاتِهِ لِغَيْرِهِ فِيهَا.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ: "يَئِسُوا أَنْ يَرْتَدُّوا رَاجِعِينَ إلَى دِينِهِمْ". وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْيَوْمِ, فَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ عَامَ حَجَّةِ الوداع. {فَلا تَخْشَوْهُمْ} أَنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ; عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: "ذَلِكَ الْيَوْمُ يَعْنِي بِهِ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} وَهُوَ زَمَانُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُ". قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اسْمُ الْيَوْمِ يُطْلَقُ عَلَى الزَّمَانِ, كَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} إنَّمَا عَنَى بِهِ وَقْتًا مُبْهَمًا.
قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ} فَإِنَّ الِاضْطِرَارَ هُوَ الضَّرَرُ الَّذِي يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنْ جُوعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ; وَالْمَعْنَى هَهُنَا مِنْ إصَابَةِ ضُرِّ الْجُوعِ, وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الْخَوْفِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى بَعْضِ أَعْضَائِهِ; وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فِي مَخْمَصَةٍ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ وَقَتَادَةُ: "الْمَخْمَصَةُ الْمَجَاعَةُ". فَأَبَاحَ اللَّهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَكْلَ جَمِيعَ مَا نَصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ فِي الْآيَةِ, وَلَمْ يَمْنَعْ مَا عَرَضَ مِنْ قَوْلِهِ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} مَعَ مَا ذُكِرَ مَعَهُ مِنْ عَوْدِ التَّخْصِيصِ إلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ, فَاَلَّذِي تَضَمَّنَهُ الْخِطَابُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ فِي قَوْلِهِ: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} إبَاحَةُ الْأَنْعَامِ. {إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} فِيهِ بَيَانُ إبَاحَةِ الصَّيْدِ فِي حَالِ الْإِحْلَالِ وَغَيْرُ دَاخِلٍ فِي قَوْلِهِ: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} , ثُمَّ بَيَّنَ مَا حُرِّمَ عَلَيْنَا فِي قَوْلِهِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ, ثُمَّ خَصَّ مِنْ ذَلِكَ حَالَ الضَّرُورَةِ وَأَبَانَ أَنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي التَّحْرِيمِ, وَذَلِكَ عَامٌّ فِي الصَّيْدِ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ وَفِي جَمِيعِ الْمُحَرَّمَاتِ, فَمَتَى اُضْطُرَّ إلَى شَيْءٍ مِنْهَا حَلَّ لَهُ أَكْلُهُ بِمُقْتَضَى الآية.

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 392
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست