responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 368
سورة المائدة
مطلب: في عقود الجاهلية وعقود الاسلام
...
سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم
مطلب: في عقود الجاهلية وعقود الاسلام
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَمُطَرِّفٍ وَالرَّبِيعِ وَالضَّحَّاكِ وَالسُّدِّيِّ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَالثَّوْرِيِّ قَالُوا: "الْعُقُودُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَرَادَ بِهَا الْعُهُودَ". وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: "هِيَ عُقُودُ الْجَاهِلِيَّةِ الْحِلْفُ". وَرَوَى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَمَّا حِلْفُ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً". وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا; فَقِيلَ لَهُ: قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً" فَقَالَ: حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: "إنَّمَا آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] فَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّهُمْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَدْ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِالْحِلْفِ دُونَ النَّسَبِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] إلَى أَنْ جَعَلَ اللَّهُ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَوْلَى مِنْ الْحَلِيفِ بِقَوْلِهِ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} [الأنفال:75] فَقَدْ كَانَ حِلْفُ الْإِسْلَامِ عَلَى التَّنَاصُرِ وَالتَّوَارُثِ ثَابِتًا صَحِيحًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: "لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ" فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْحِلْفَ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا الْحِلْفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ بَعْدَ نَسْخِ التَّوَارُثِ بِالْحِلْفِ. وَقَدْ كَانَ حِلْفُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى وُجُوهٍ: مِنْهَا الْحِلْفُ فِي التَّنَاصُرِ, فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إذَا حَالَفَهُ: "دَمِي دَمُك وَهَدْمِي هَدْمُك وَتَرِثُنِي وَأَرِثُك" فَيَتَعَاقَدَانِ الْحِلْفَ عَلَى أَنْ يَنْصُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَيَدْفَعَ عَنْهُ وَيَحْمِيَهُ بِحَقٍّ كَانَ ذَلِكَ أَوْ بِبَاطِلٍ; وَمِثْلُهُ لَا يَجُوزُ فِي الْإِسْلَامِ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَاقَدَا الْحِلْفَ عَلَى أَنْ يَنْصُرَهُ عَلَى الْبَاطِلِ ولا أن يزوي

سورة المائدة
بسم الله الرحمن الرحيم
مطلب: في عقود الجاهلية وعقود الاسلام
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَمُطَرِّفٍ وَالرَّبِيعِ وَالضَّحَّاكِ وَالسُّدِّيِّ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَالثَّوْرِيِّ قَالُوا: "الْعُقُودُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَرَادَ بِهَا الْعُهُودَ". وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: "هِيَ عُقُودُ الْجَاهِلِيَّةِ الْحِلْفُ". وَرَوَى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَمَّا حِلْفُ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً". وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا; فَقِيلَ لَهُ: قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً" فَقَالَ: حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: "إنَّمَا آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] فَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّهُمْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَدْ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِالْحِلْفِ دُونَ النَّسَبِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33] إلَى أَنْ جَعَلَ اللَّهُ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَوْلَى مِنْ الْحَلِيفِ بِقَوْلِهِ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ} [الأنفال:75] فَقَدْ كَانَ حِلْفُ الْإِسْلَامِ عَلَى التَّنَاصُرِ وَالتَّوَارُثِ ثَابِتًا صَحِيحًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: "لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ" فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْحِلْفَ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا الْحِلْفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ بَعْدَ نَسْخِ التَّوَارُثِ بِالْحِلْفِ. وَقَدْ كَانَ حِلْفُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى وُجُوهٍ: مِنْهَا الْحِلْفُ فِي التَّنَاصُرِ, فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إذَا حَالَفَهُ: "دَمِي دَمُك وَهَدْمِي هَدْمُك وَتَرِثُنِي وَأَرِثُك" فَيَتَعَاقَدَانِ الْحِلْفَ عَلَى أَنْ يَنْصُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَيَدْفَعَ عَنْهُ وَيَحْمِيَهُ بِحَقٍّ كَانَ ذَلِكَ أَوْ بِبَاطِلٍ; وَمِثْلُهُ لَا يَجُوزُ فِي الْإِسْلَامِ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَاقَدَا الْحِلْفَ عَلَى أَنْ يَنْصُرَهُ عَلَى الْبَاطِلِ وَلَا أَنْ يَزْوِيَ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 368
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست