responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 355
خَيْرٌ} . وَعَنْ عَائِشَةَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ: أَنَّ سَوْدَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ بِهِ لَهَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَهَذِهِ الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى وُجُوبِ الْقَسَمِ بَيْنَ النِّسَاءِ إذَا كَانَ تَحْتَهُ جَمَاعَةٌ, وَعَلَى وُجُوبِ الْكَوْنِ عِنْدَهَا إذَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَقَضَى كَعْبُ بْنُ سُورٍ بِأَنَّ لَهَا يَوْمًا مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِحَضْرَةِ عُمَرَ, فَاسْتَحْسَنَهُ عُمَرُ وَوَلَّاهُ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ. وَأَبَاحَ اللَّهُ أَنْ تَتْرُكَ حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَأَنْ تَجْعَلَهُ لِغَيْرِهَا مِنْ نِسَائِهِ, وَعُمُومُ الْآيَةِ يَقْتَضِي جَوَازَ اصْطِلَاحِهِمَا عَلَى تَرْكِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْقَسْمِ وَسَائِرِ مَا يَجِبُ لَهَا بِحَقِّ الزَّوْجِيَّةِ, إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ لَهَا إسْقَاطُ مَا وَجَبَ مِنْ النَّفَقَةِ لِلْمَاضِي, فَأَمَّا الْمُسْتَقْبَلُ فَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ; وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَتْ مِنْ الْوَطْءِ لَمْ يَصِحَّ إبْرَاؤُهَا وَكَانَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِحَقِّهَا مِنْهُ; وَإِنَّمَا يَجُوزُ بِطِيبِ نَفْسِهَا بِتَرْكِ الْمُطَالَبَةِ بِالنَّفَقَةِ وَبِالْكَوْنِ عِنْدَهَا, فَأَمَّا أَنْ تُسْقِطَ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ فَلَا. وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُعْطِيَهَا عِوَضًا عَلَى تَرْكِ حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ أَوْ الْوَطْءِ; لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ, أَوْ ذَلِكَ حَقٌّ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ; لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مَعَ وُجُودِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ وَهُوَ عَقْدُ النِّكَاحِ, وَهُوَ مِثْلُ أَنْ تُبْرِئَ الرَّجُلَ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَبْدِ الْمَهْرَ فَلَا يَصِحُّ لِوُجُودِ مَا يُوجِبُهُ وَهُوَ الْعَقْدُ. فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ أَجَازَ أَصْحَابُنَا أَنْ يَخْلَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ عِدَّتِهَا فَقَدْ أَجَازُوا الْبَرَاءَةَ مِنْ نَفَقَةٍ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ مَعَ وُجُودِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهَا وَهِيَ الْعِدَّةُ.
قِيلَ لَهُ: لَمْ يُجِيزُوا الْبَرَاءَةَ مِنْ النَّفَقَةِ, وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُخْتَلِعَةِ وَالزَّوْجَةِ فِي امْتِنَاعِ وُقُوعِ الْبَرَاءَةِ مِنْ نَفَقَةٍ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ; وَلَكِنَّهُ إذَا خَالَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَإِنَّمَا جَعَلَ الْجُعْلَ مِقْدَارَ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ, وَالْجُعْلُ فِي الْخُلْعِ يَجُوزُ فِيهِ هَذَا الْقَدْرُ مِنْ الْجَهَالَةِ, فَصَارَ ذَلِكَ فِي ضَمَانِهَا بِعَقْدِ الْخُلْعِ, ثُمَّ مَا يَجِبُ لَهَا بَعْدُ مِنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَصِيرُ قِصَاصًا بِمَالِهِ عَلَيْهَا وَقَدْ دَلَّتْ الْآيَةُ عَلَى جَوَازِ اصْطِلَاحِهِمَا مِنْ الْمَهْرِ عَلَى تَرْكِ جَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ; لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَأَجَازَتْ الصُّلْحَ فِي سَائِرِ الْوُجُوهِ.
وقَوْله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: "يَعْنِي خَيْرٌ مِنْ الْإِعْرَاضِ وَالنُّشُوزِ "; وَقَالَ آخَرُونَ: "مِنْ الْفُرْقَةِ". وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عُمُومًا فِي جَوَازِ الصُّلْحِ فِي سَائِرِ الْأَشْيَاءِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ, وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ وَالصُّلْحُ مِنْ المجهول.
وقوله تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "الشُّحُّ عَلَى أَنْصِبَائِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ وَأَمْوَالِهِنَّ"; وَقَالَ الْحَسَنُ: "تَشِحُّ نَفْسُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِحَقِّهِ قِبَلَ صَاحِبِهِ". وَالشُّحُّ الْبُخْلُ, وَهُوَ الْحِرْصُ عَلَى مَنْعِ الْخَيْرِ.

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 355
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست