responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 319
كَانَ مُرَادُ اللَّهِ الْإِتْمَامُ أَوْ الْقَصْرُ عَلَى مَا يَخْتَارُهُ الْمُسَافِرُ لَمَا جَازَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَقْتَصِرَ بِالْبَيَانِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ دُونَ الْآخَرَ, وَكَانَ بَيَانُهُ لِلْإِتْمَامِ فِي وَزْنِ بَيَانِهِ لِلْقَصْرِ, فَلَمَّا وَرَدَ الْبَيَانُ إلَيْنَا مِنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْقَصْرِ دُونَ الْإِتْمَامِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُ اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُرَادُ اللَّهِ فِي رُخْصَةِ الْمُسَافِرِ فِي الْإِفْطَارِ أَحَدَ شَيْئَيْنِ مِنْ إفْطَارٍ أَوْ صَوْمٍ وَرَدَ الْبَيَانُ مِنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَارَةً بِالْإِفْطَارِ وَتَارَةً بِالصَّوْمِ؟ وَأَيْضًا لَمَّا صَلَّى عُثْمَانُ بِمِنًى أَرْبَعًا أَنْكَرَتْ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ ذَلِكَ, فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُمَرَ رَكْعَتَيْنِ, ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمْ الطُّرُقُ, فَلَوَدِدْت أَنَّ حَظِّي مِنْ أَرْبَعٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ; وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ; وَقَالَ عُثْمَانُ: أَنَا إنَّمَا أَتْمَمْت; لِأَنِّي تَأَهَّلْت بِهَذَا الْبَلَدِ وَسَمِعْت النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: "مَنْ تَأَهَّلَ بِبَلَدٍ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ", فَلَمْ يُخَالِفْهُمْ عُثْمَانُ فِي مَنْعِ الْإِتْمَامِ وَإِنَّمَا اعْتَذَرَ بِأَنَّهُ قَدْ تَأَهَّلَ بِمَكَّةَ فَصَارَ مِنْ أَهْلِهَا; وَكَذَلِكَ قَوْلُنَا فِي أَهْلِ مَكَّةَ إنَّهُمْ لَا يَقْصُرُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا" وَقَالَتْ عَائِشَةُ: "أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ ثُمَّ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ", فَأَخْبَرَتْ أَنَّ فَرْضَ الْمُسَافِرِ فِي الْأَصْلِ رَكْعَتَانِ وَفَرْضَ الْمُقِيمِ أَرْبَعٌ كَفَرْضِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ, فَغَيْرُ جَائِزٍ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا كَمَا لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ لِلْمُسَافِرِ تَرْكُ الْأُخْرَيَيْنِ لَا إلَى بَدَلٍ وَمَتَى فَعَلَهُمَا فَإِنَّمَا يَفْعَلُهُمَا عَلَى وَجْهِ الِابْتِدَاءِ, فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا نَفْلٌ; لِأَنَّ هَذِهِ صُورَةُ النَّفْلِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ, وَإِذَا تَرَكَهُ تَرَكَهُ لَا إلَى بَدَلٍ.
وَاحْتَجَّ مَنْ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَصَرَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَتَمَّ, وَهَذَا صَحِيحٌ, وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قَصَرَ فِي الْفِعْلِ وَأَتَمَّ فِي الْحُكْمِ, كَقَوْلِ عُمَرَ: صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَاحْتَجَّ أَيْضًا مَنْ قَالَ بِالتَّخْيِيرِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي صَلَاةِ مُقِيمٍ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ, فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الْأَصْلِ. وَهَذَا فَاسِدٌ; لِأَنَّ الدُّخُولَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ يُغَيِّرُ الْفَرْضَ, أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْعَبْدَ فَرْضُهُمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعٌ وَلَوْ دَخَلَا فِي الْجُمُعَةِ صَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا مُخَيَّرَانِ قَبْلَ الدُّخُولِ بَيْنَ الْأَرْبَعِ وَالرَّكْعَتَيْنِ؟ وَقَدْ اسْتَقْصَيْنَا الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِنَا.
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ, فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ: "يُصَلِّي صَلَاةَ مُقِيمٍ وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ" وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ: "وَإِذَا لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً صَلَّى رَكْعَتَيْنِ". وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 319
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست