responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 300
كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْآيَةِ دِيَةَ الْمُسْلِمِ. وَأَيْضًا لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِقْدَارُ الدِّيَةِ مُبَيَّنًا فِي الْكِتَابِ, كَانَ فِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَارِدًا مَوْرِدَ الْبَيَانِ, وَفِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا وَرَدَّ مَوْرِدَ الْبَيَانِ فَهُوَ عَلَى الْوُجُوبِ. وَرَوَى أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ قَالُوا "دِيَةُ الْمُعَاهَدِ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ". وَرَوَى إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: "كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَجْعَلُونَ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إذَا كَانُوا مُعَاهَدَيْنِ مِثْلَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ". وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْن أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ أُخْبَرْهُ: أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ السَّمَوْأَلِ يَهُودِيِّ قُتِلَ بِالشَّامِّ, فَجَعَلَ عُمَرُ دِيَتَهُ أَلْفَ دِينَارٍ". وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ دِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِينَ" وَهُوَ قَوْلُ عَلْقَمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَالشُّعَبِيِّ. وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ مُسْلِمًا قَتَلَ كَافِرًا مِنْ أَهْلِ الْعَقْدِ, فَقَضَى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِدِيَةِ الْمُسْلِمِ". فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ مَعَ مُوَافَقَتِهَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ تُوجِبُ مُسَاوَاةَ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فِي الدِّيَاتِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةٍ". قَالَ سَعِيدٌ: "وَقَضَى عُثْمَانُ فِي دِيَةِ الْمُعَاهَدِ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمَا خِلَافَ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ.
وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِمَا رَوَاهُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: وَدِيَةُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَبِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "دِيَةُ الْمَجُوسِ ثَمَانُمِائَةٍ". قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلِمْنَا حُضُورَ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا عَنْهُمْ مِقْدَارَ الدِّيَةِ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ, فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ ثَابِتًا لَعَرَفَهُ هَؤُلَاءِ وَلَمَّا عَدَلُوا عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ. وَأَيْضًا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ "دِيَةُ الْمُعَاهَدِ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ" وَأَنَّهُ وَدَى الْعَامِرِيَّيْنِ دِيَةَ الْحُرَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ; وَهَذَا أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّيَادَةِ, وَلَوْ تَعَارَضَ الْخَبَرَانِ لَكَانَ مَا اقْتَضَاهُ ظَاهِرُ الْكِتَابِ وَمَا وَرَدَ بِهِ النَّقْلُ الْمُتَوَاتِرِ عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّ الدِّيَةَ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ أَوْلَى فَوَجَبَ تَسَاوِيهِمَا فِي الدِّيَاتِ. وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ فَإِنَّهُ حَدِيثٌ وَاهٍ لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ; لِأَنَّ ابْنَ لَهِيعَةَ ضَعِيفٌ لَا سِيَّمَا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ عَنْهُ.
فَإِنْ قِيلَ: قوله تعالى {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} عَطْفًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي دِيَةِ الْمُسْلِمِ لَا يَدُلُّ عَلَى تَسَاوِي الدِّيَتَيْنِ, كَمَا لَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ عَبْدًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَمَنْ اسْتَهْلَكَ ثَوْبًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ, لَمْ يَدُلَّ عَلَى تَسَاوِي الْقِيمَتَيْنِ. قِيلَ لَهُ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الدِّيَةَ اسْمٌ لِمِقْدَارٍ مِنْ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست