responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 286
بَابُ شِبْهِ الْعَمْدِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَصْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعَمْدَ مَا كان بسلاح أو ما يجري مجراه,

فَقَالَ: "قَدْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيْك" أَنَّ ذَلِكَ بَرَاءَةٌ صَحِيحَةٌ وَأَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْبَرَاءَةِ إلَى قَبُولِ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ; وَلِذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا: إنَّ الْبَرَاءَةَ وَاقِعَةٌ مَا لَمْ يَرُدَّهَا الْمُبَرَّأُ مِنْهُ. وَقَالَ زَفَرُ: "لَا يُبْرِئُ الْغَرِيمُ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَ الْبَرَاءَةَ وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ" وَجَعْلُهُ بِمَنْزِلَةِ هِبَةِ الْأَعْيَانِ. وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ الْقَبُولَ وَلِأَنَّ الدَّيْنَ حَقٌّ فَيَصِحُّ إسْقَاطُهُ كَالْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْعِتْقِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ وَقَالَ أَصْحَابُنَا: "إذَا رَدَّ الْمُبَرَّأُ مِنْهُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الدَّيْنِ عَادَ الدَّيْنُ" وَقَالَ غَيْرُهُمْ: "لَا يَعُودُ" وَجَعَلُوهُ كَالْعِتْقِ وَالْعَفْوُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا أَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الدَّيْنِ يَلْحَقُهَا الْفَسْخُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى ثَوْبٍ بَرِئَ فَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَتْ الْبَرَاءَةُ وَعَادَ الدَّيْنُ؟ وَالْعِتْقُ وَالْعَفْوُ عَنْ الدَّمِ لَا يَنْفَسِخَانِ بِحَالٍ. وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى وُقُوعِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ أَنَّ الصَّدَقَةَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّمْلِيكِ, وَقَدْ حُكِمَ بِصِحَّةِ الْبَرَاءَةِ بِهَا, وَأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الْأَعْيَانِ إذَا مَلَكَهَا غَيْرُهُ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ, فَلَا يَمْلِكُ, مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: "قَدْ أَبْرَأْتُك مِنْ هَذَا الْعَبْدِ" فَلَا يَمْلِكُهُ وَإِنْ قَبِلَ الْبَرَاءَةَ, وَإِذَا قَالَ: "قَدْ تَصَدَّقْت بِمَا لِي عَلَيْك مِنْ الدَّيْنِ, أَوْ قَدْ وَهَبْت لَك مَا لِي عَلَيْك" صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ دَيْنٌ وَهُوَ غَنِيٌّ فَقَالَ: "قَدْ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيْك" بَرِئَ مِنْهُ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فِي ذَلِكَ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَهْلَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْأَوْلِيَاءِ وَالْوَرَثَةِ; لِأَنَّ قَوْلَهُ {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} مَعْنَاهُ: إلَى وَرَثَتِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيمَنْ أَوْصَى لِأَهْلِ فُلَانٍ: "إنَّ الْقِيَاسَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِزَوْجَاتِهِ, إلَّا أَنِّي قَدْ تَرَكْت الْقِيَاسَ وَجَعَلْته لِكُلِّ مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ" قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْأَهْلُ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَعَلَى جَمِيعِ مَنْ يَشْتَمِلْ عَلَيْهِ مَنْزِلُهُ وَعَلَى أَتْبَاعِ الرَّجُلِ وَأَشْيَاعِهِ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ} [العنكبوت: 33] فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ مَنْزِلِهِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَالَ: {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ} [الشعراء:170] وَيَقَعُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَهُ فِي دِينِهِ كَقَوْلِهِ: {وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الأنبياء:76] فَسَمَّى أَتْبَاعَهُ فِي دِينِهِ أَهْلَهُ; وَقَالَ فِي ابْنِهِ: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46] . فَاسْمُ الْأَهْلِ يَقَعُ عَلَى مَعَانِي مُخْتَلِفَةٍ, وَقَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الْأَهْلِ وَيُرَادُ بِهِ الْآلُ وَهُوَ قَرَابَاتُهُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ, كَمَا يُقَالُ آلُ النَّبِيِّ وَأَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" وَهُمَا سَوَاءٌ.

بَابُ شِبْهِ الْعَمْدِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَصْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعَمْدَ مَا كَانَ بِسِلَاحٍ أَوْ مَا يَجْرِي مُجْرَاهُ,

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست