responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 279
مطلب: في معنى الاستثناء في قوله تعالى: {إِلَّا خَطَأً} وفيه فوائد شريفة
وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي مَعْنَى "إلَّا" فَقَالَ قَائِلُونَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ بِمَعْنَى لَكِنْ قَدْ يَقْتُلُهُ خَطَأً, فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ كَيْتَ وَكَيْتَ, وَهُوَ كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ:
وَقَفْت فِيهَا أُصَيْلَالًا أُسَائِلُهَا ... عَيَّتْ جَوَابًا وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ
إلَّا الْأَوَارِيَ لَأْيًا مَا أُبَيِّنُهَا ... وَالنُّؤْيُ كَالْحَوْضِ بِالْمَظْلُومَةِ الْجَلَدِ
وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ صَحِيحٌ قَدْ أَفَادَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ خَطَأً فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ, وَهُوَ أَنْ يَرَى عَلَيْهِ سِيمَا الْمُشْرِكِينَ أَوَيَجِدُهُ فِي حَيِّزِهِمْ فَيَظُنَّهُ مُشْرِكًا فَجَائِزٌ لَهُ قَتْلُهُ وَهُوَ خَطَأٌ; كَمَا رُوِيَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَاتَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَخْطَأَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَئِذٍ بِأَبِيهِ يَحْسَبُونَهُ مِنْ الْعَدُوِّ وَكَرُّوا عَلَيْهِ بِأَسْيَافِهِمْ, فَطَفِقَ حُذَيْفَةُ يَقُولُ: إنَّهُ أَبِي فَلَمْ يَفْهَمُوا قَوْلَهُ حَتَّى قَتَلُوهُ, فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَبَلَغَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَادَتْ حُذَيْفَةَ عِنْدَهُ خَيْرًا. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ مَعْنَاهُ: وَلَا خَطَأَ; لِأَنَّ قَتْلَ الْمُؤْمِنِ غَيْرُ مُبَاحٍ بِحَالِ قِتَالٍ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مَحْمُولًا عَلَى حَقِيقَتِهِ. وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ" إلَّا" لَمْ تُوجَدْ بِمَعْنَى" وَلَا". وَالثَّانِي: مَا أَنْكَرَهُ مِنْ امْتِنَاعِ إبَاحَةِ قَتْلِ الْخَطَإِ مَوْجُودٌ فِي حَظْرِهِ لِأَنَّ الْخَطَأَ إنْ كَانَ لَا تَصِحُّ إبَاحَتُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ عِنْدَهُ أَنَّهُ خَطَأٌ, فَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ حَظْرُهُ وَلَا النَّهْيُ عَنْهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: قَدْ تَضَمَّنَ قَوْلَهُ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً} إيجَابُ الْعِقَابِ لِقَاتِلِهِ لِاقْتِضَاءِ إطْلَاقِ النَّهْيِ لِذَلِكَ وَأَفَادَ بِذَلِكَ اسْتِحْقَاقَ الْمَأْثَمِ, ثُمَّ قَالَ: {إِلَّا خَطَأً} فَإِنَّهُ لَا مَأْثَمَ عَلَى فَاعِلِهِ, إنَّمَا أُدْخِلَ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ اللَّفْظُ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَأْثَمِ وَأُخْرِجَ مِنْهُ قَاتِلُ الْخَطَإِ, وَالِاسْتِثْنَاءُ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَوْضِعِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ غَيْرُ مَعْدُولٍ بِهِ عَنْ وَجْهِهِ, إنَّمَا دَخَلَ عَلَى الْمَأْثَمِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْقَتْلِ وَأَخْرَجَ قَاتِلَ الْخَطَإِ مِنْهُ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى فِعْلِ الْقَاتِلِ فَيَكُونُ مُبِيحًا لِمَا حَظَرَهُ بِلَفْظِ الْجُمْلَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا وَجْهٌ صَحِيحٌ سَائِغٌ; وَتَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى إبَاحَةِ قَتْلِ الْخَطَإِ فِيمَنْ يَظُنُّهُ مُشْرِكًا فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ لَهُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ إبَاحَةً, وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَطَأً عِنْدَ الْقَاتِلِ, وَإِذَا كَانَ قَتْلُ الْمُسْلِمِ الَّذِي فِي حَيِّزِ الْعَدُوِّ قَصْدٌ بِالْقَتْلِ لَا يَكُونُ خَطَأً عِنْدَ الْقَاتِلِ, وَإِنَّمَا عِنْدَهُ أَنَّهُ قَتْلُ عَمْدٍ مَأْمُورٍ بِهِ, فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُرَادُ الْآيِ; لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ عَلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُهَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 279
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست