responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 243
عَلَى تَعْظِيمِ حَقِّهِمَا وَوُجُوبِ بِرِّهِمَا وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِمَا. وَقَالَ تَعَالَى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} [الإسراء: 23] إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً} [العنكبوت: 8] . وَقَالَ فِي الْوَالِدَيْنِ الْكَافِرَيْنِ: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان: 15] . وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ, وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ, وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ جَنَاحِ الْبَعُوضَةِ إلَّا كَانَتْ وَكْتَةً فِي قَلْبِهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَطَاعَةُ الْوَالِدَيْنِ وَاجِبَةٌ فِي الْمَعْرُوفِ لَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ, فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ.
وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْيَمَنِ هَاجَرَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "هَلْ لَكَ أَحَدٌ بِالْيَمَنِ"؟ قَالَ: أَبَوَايَ, قَالَ: أَذِنَا لَكَ؟ قَالَ: لَا, قَالَ: "ارْجِعْ إلَيْهِمَا فَاسْتَأْذِنْهُمَا فَإِنْ أَذِنَا لَكَ فَجَاهِدْ وَإِلَّا فَبِرَّهُمَا". وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُجَاهِدَ إلَّا بِإِذْنِ الْأَبَوَيْنِ إذَا قَامَ بِجِهَادِ الْعَدُوِّ مَنْ قَدْ كَفَاهُ الْخُرُوجَ, قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ مَنْ قَدْ قَامَ بِفَرْضِ الْخُرُوجِ فَعَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِغَيْرِ إذْن أَبَوَيْهِ, وَقَالُوا فِي الْخُرُوجِ فِي التِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا فِيمَا لَيْسَ فِيهِ قِتَالٌ: لَا بَأْسَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا مَنَعَهُ مِنْ الْجِهَادِ إلَّا بِإِذْنِ الْأَبَوَيْنِ إذَا قَامَ بِالْفَرْضِ غَيْرُهُ, لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْقَتْلِ وَفَجِيعَةِ الْأَبَوَيْنِ بِهِ, فَأَمَّا التِّجَارَاتُ وَالتَّصَرُّفُ فِي الْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِلْقَتْلِ فَلَيْسَ لِلْأَبَوَيْنِ مَنْعُهُ مِنْهَا; فَلِذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى اسْتِئْذَانِهِمَا. وَمِنْ أَجْلِ مَا أَكَّدَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ تَعْظِيمِ حَقِّ الْأَبَوَيْنِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْتُلَ أَبَاهُ الْكَافِرَ إذَا كَانَ مُحَارِبًا لِلْمُسْلِمِينَ, لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] وقَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً} [لقمان: 15] , فَأَمَرَ تَعَالَى بِمُصَاحَبَتِهِمَا بِالْمَعْرُوفِ فِي الْحَالِ الَّتِي يُجَاهِدَانِهِ فِيهَا عَلَى الْكُفْرِ, وَمِنْ الْمَعْرُوفِ أَنْ لَا يُشْهِرَ عَلَيْهِمَا سِلَاحًا وَلَا يَقْتُلَهُمَا إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَخَافَ أَنْ يَقْتُلَهُ إنْ تَرَكَ قَتْلَهُ, فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ قَتْلُهُ; لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَانَ قَدْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِتَمْكِينِهِ غَيْرِهِ مِنْهُ, وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ تَمْكِينِ غَيْرِهِ مِنْ قَتْلِهِ كَمَا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ قَتْلِ نَفْسِهِ, فَجَازَ لَهُ حِينَئِذٍ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَتْلُهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ نَهَى حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبِ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ وَكَانَ مُشْرِكًا. وَقَالَ أَصْحَابُنَا فِي الْمُسْلِمِ يَمُوتُ أَبَوَاهُ وَهُمَا كَافِرَانِ:

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 243
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست