responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 225
يَفْتَرِقَا أَوْ يَكُونُ بَيْعُهُمَا عَنْ خِيَارٍ فَإِذَا كَانَ عَنْ خِيَارٍ فَقَدْ وَجَبَ" وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا بَايَعَ الرَّجُلَ وَلَمْ يُخَيِّرْهُ وَأَرَادَ أَنْ لَا يُقِيلَهُ قَامَ فَمَشَى هُنَيْهَةً ثُمَّ رَجَعَ. فَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ: "الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا" وَابْنُ عُمَرَ هُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ, وَقَدْ عَقَلَ مِنْ مُرَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُرْقَةَ الْأَبَدَانِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ فِعْلِ ابْنِ عُمَرَ فَلَا دَلَالَة فِيهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ مَذْهَبِهِ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ خَافَ أَنْ يَكُونَ بَائِعُهُ مِمَّنْ يَرَى الْخِيَارَ فِي الْمَجْلِسِ فَيُحْذَرُ مِنْهُ بِذَلِكَ حَذَرًا مِمَّا لَحِقَهُ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ, حَتَّى خُوصِمَ إلَى عُثْمَانَ فَحَمَلَهُ عَلَى خِلَافِ رَأْيِهِ وَلَمْ يُجِزْ الْبَرَاءَةَ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَهُ لِمُبْتَاعِهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى مُوَافَقَتِهِ, وَهُوَ مَا رَوَى ابْنُ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "مَا أَدْرَكَتْ الصَّفْقَةُ حَيًّا فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُبْتَاعِ", وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْمَبِيعَ كَانَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِالصَّفْقَةِ وَيَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ, وَذَلِكَ يَنْفِي الْخِيَارَ.

مطلب: في قوله عليه السلام: "المتبايعان بالخيار"
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا", وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ: "الْبَائِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا", فَإِنَّ حَقِيقَتَهُ تَقْتَضِي حَالَ التَّبَايُعِ وَهِيَ حَالُ السَّوْمِ, فَإِذَا أَبْرَمَا الْبَيْعَ وَتَرَاضَيَا فَقَدْ وَقَعَ الْبَيْعُ, فَلَيْسَا مُتَبَايِعَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَالِ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا أَنَّ الْمُتَضَارِبَيْنِ وَالْمُتَقَايِلِينَ إنَّمَا يَلْحَقُهُمَا هَذَا الِاسْمُ فِي حَالِ التَّضَارُبِ وَالتَّقَايُلِ, وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْفِعْلِ لَا يُسَمَّيَانِ بِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا يُقَالُ كَانَا مُتَقَايِلَيْنِ وَمُتَضَارِبَيْنِ; وَإِذَا كَانَتْ حَقِيقَةُ مَعْنَى اللَّفْظِ مَا وَصَفْنَا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِدْلَال فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا التَّأْوِيلُ يُودِي إلَى إسْقَاطِ فَائِدَةِ الْخَبَرِ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُشْكِلٍ عَلَى أَحَدٍ أَنَّ الْمُتَسَاوِمَيْنِ قَبْلَ وُجُودِ التَّرَاضِي بِالْعَقْدِ هُمَا عَلَى خِيَارِهِمَا فِي إيقَاعِ الْعَقْدِ أَوْ تَرْكِهِ. قِيلَ لَهُ: بَلْ فِيهِ أَعْظَمُ الْفَوَائِدِ, وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ جَائِزًا أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا قَالَ لِلْمُشْتَرِي "قَدْ بِعْتُك" أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ رُجُوعٌ فِيهِ قَبْلَ قَبُولِ الْمُشْتَرِي, كَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ وَالْخُلْعِ عَلَى مَالٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى وَلَا لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ فِيهِ قَبْلَ قَبُولِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ; فَأَبَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ الْبَيْعِ فِي إثْبَاتِ الْخِيَارِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الرُّجُوعِ قَبْلَ قَبُولِ الْآخَرِ وَأَنَّهُ مُفَارِقٌ لِلْعِتْقِ وَالْخُلْعِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى الْمُتَسَاوِمَانِ مُتَبَايِعَيْنِ قَبْلَ وُقُوعِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا؟ قِيلَ لَهُ: جَائِزٌ إذَا قَصَدَا إلَى الْبَيْعِ بِإِظْهَارِ السَّوْمِ فِيهِ كَمَا نُسَمِّي الْقَاصِدَيْنِ إلَى الْقَتْلِ مُتَقَاتِلَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُمَا قَتْلٌ بَعْدُ, وَكَمَا قِيلَ لِوَلَدِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمَأْمُورُ بِذَبْحِهِ: الذَّبِيحَ

مطلب: في قوله عليه السلام: "المتبايعان بالخيار"
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا", وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ: "الْبَائِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا", فَإِنَّ حَقِيقَتَهُ تَقْتَضِي حَالَ التَّبَايُعِ وَهِيَ حَالُ السَّوْمِ, فَإِذَا أَبْرَمَا الْبَيْعَ وَتَرَاضَيَا فَقَدْ وَقَعَ الْبَيْعُ, فَلَيْسَا مُتَبَايِعَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَالِ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا أَنَّ الْمُتَضَارِبَيْنِ وَالْمُتَقَايِلِينَ إنَّمَا يَلْحَقُهُمَا هَذَا الِاسْمُ فِي حَالِ التَّضَارُبِ وَالتَّقَايُلِ, وَبَعْدَ انْقِضَاءِ الْفِعْلِ لَا يُسَمَّيَانِ بِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا يُقَالُ كَانَا مُتَقَايِلَيْنِ وَمُتَضَارِبَيْنِ; وَإِذَا كَانَتْ حَقِيقَةُ مَعْنَى اللَّفْظِ مَا وَصَفْنَا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِدْلَال فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا التَّأْوِيلُ يُودِي إلَى إسْقَاطِ فَائِدَةِ الْخَبَرِ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُشْكِلٍ عَلَى أَحَدٍ أَنَّ الْمُتَسَاوِمَيْنِ قَبْلَ وُجُودِ التَّرَاضِي بِالْعَقْدِ هُمَا عَلَى خِيَارِهِمَا فِي إيقَاعِ الْعَقْدِ أَوْ تَرْكِهِ. قِيلَ لَهُ: بَلْ فِيهِ أَعْظَمُ الْفَوَائِدِ, وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ جَائِزًا أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا قَالَ لِلْمُشْتَرِي "قَدْ بِعْتُك" أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ رُجُوعٌ فِيهِ قَبْلَ قَبُولِ الْمُشْتَرِي, كَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ وَالْخُلْعِ عَلَى مَالٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى وَلَا لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ فِيهِ قَبْلَ قَبُولِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ; فَأَبَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمَ الْبَيْعِ فِي إثْبَاتِ الْخِيَارِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الرُّجُوعِ قَبْلَ قَبُولِ الْآخَرِ وَأَنَّهُ مُفَارِقٌ لِلْعِتْقِ وَالْخُلْعِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى الْمُتَسَاوِمَانِ مُتَبَايِعَيْنِ قَبْلَ وُقُوعِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا؟ قِيلَ لَهُ: جَائِزٌ إذَا قَصَدَا إلَى الْبَيْعِ بِإِظْهَارِ السَّوْمِ فِيهِ كَمَا نُسَمِّي الْقَاصِدَيْنِ إلَى الْقَتْلِ مُتَقَاتِلَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُمَا قَتْلٌ بَعْدُ, وَكَمَا قِيلَ لِوَلَدِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السلام المأمور بذبحه: الذبيح

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست