responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 212
عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ: "أَحْصَنَّ" بِالْفَتْحِ, قَالُوا: مَعْنَاهُ أَسْلَمْنَ; وَقَالَ الْحَسَنُ: "يُحْصِنُهَا الزَّوْجُ وَيُحْصِنُهَا الْإِسْلَامُ".
وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي حَدِّ الْأَمَةِ مَتَى يَجِبُ, فَقَالَ مَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ {فَإِذَا أُحْصِنَّ} بِالضَّمِّ عَلَى التَّزْوِيجِ: إنَّ الْأَمَةَ لَا يَجِبْ عَلَيْهَا الْحَدُّ وَإِنْ أَسْلَمَتْ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ" وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ. وَمَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ: "فَإِذَا أَحْصَنَّ" بِالْفَتْحِ عَلَى الْإِسْلَامِ, جَعَلَ عَلَيْهَا الْحَدَّ إذَا أَسْلَمَتْ وَزَنَتْ وَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ, وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى أَسْلَمْنَ بَعِيدٌ; لِأَنَّ ذِكْرَ الْإِيمَانِ قَدْ تَقَدَّمَ لهن بقوله: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} قَالَ: فَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: "مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ فَإِذَا آمَنَّ". وَلَيْسَ هَذَا كَمَا ظَنَّ لِأَنَّ قوله: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} إنَّمَا هُوَ فِي شَأْنِ النِّكَاحِ, وَقَدْ اسْتَأْنَفَ ذِكْرَ حُكْمٍ آخَرَ غَيْرَهُ وَهُوَ الْحَدُّ, فَجَازَ اسْتِئْنَافُ ذِكْرِ الْإِسْلَامِ, فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ: "فَإِذَا كُنَّ مُسْلِمَاتٍ فَأَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ" هَذَا لَا يَدْفَعُهُ أَحَدٌ; وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ سَائِغٍ لَمَا تَأَوَّلَهُ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَالْجَمَاعَةُ الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرَانِ جَمِيعًا مِنْ الْإِسْلَامِ وَالنِّكَاحِ مُرَادَيْنِ بِاللَّفْظِ, لِاحْتِمَالِهِ لَهُمَا وَتَأْوِيلِ السَّلَفِ الْآيَةَ عَلَيْهِمَا.
وَلَيْسَ الْإِسْلَامُ وَالتَّزْوِيجُ شَرْطًا فِي إيجَابِ الْحَدِّ عَلَيْهَا حَتَّى إذَا لَمْ تُحْصِنْ لَمْ يَجِبْ, لِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْأَمَةِ إذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ, قَالَ: "إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا, ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا, ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا, ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ" وَالضَّفِيرُ الْحَبْلُ. وَفِي حَدِيثِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال فِي كُلِّ مَرَّةٍ: "فَلْيُقِمْ عَلَيْهَا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى" فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ الْإِحْصَانِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا فَائِدَةُ شَرْطِ اللَّهِ الْإِحْصَانَ فِي قوله: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} وَهِيَ مَحْدُودَةٌ فِي حَالِ الْإِحْصَانِ وَعَدَمِهِ؟ قِيلَ لَهُ: لَمَّا كَانَتْ الْحُرَّةُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الرَّجْمُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً مُتَزَوِّجَةً, أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُنَّ وَإِنْ أُحْصِنَّ بِالْإِسْلَامِ وَبِالتَّزْوِيجِ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ حَدِّ الْحُرَّةِ, وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ افْتِرَاقُ حَالِهَا فِي حُكْمِ وُجُودِ الْإِحْصَانِ وَعَدَمِهِ, فَإِذَا كَانَتْ مُحْصَنَةً يَكُونُ عَلَيْهَا الرَّجْمُ وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ فَنِصْفُ الْحَدِّ, فَأَزَالَ اللَّهُ تَعَالَى تَوَهُّمَ مَنْ يَظُنُّ ذَلِكَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا نِصْفُ الْحَدِّ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ; فَهَذِهِ فَائِدَةُ شَرْطِ الْإِحْصَانِ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِّهَا. وَلَمَّا أَوْجَبَ عَلَيْهَا نِصْفَ حَدِّ الْحُرَّةِ مَعَ الْإِحْصَانِ عَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ الْجَلْدَ; إذْ الرَّجْمُ لَا يَنْتَصِفُ; وقَوْله تَعَالَى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست