responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 198
تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130] لَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً, وقَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} [المؤمنون: 117] لَيْسَ بِدَلَالَةٍ عَلَى أَنَّ أَحَدَنَا يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ لَهُ بُرْهَانٌ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ بِأَنَّ مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ تَعَالَى اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ; وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. فَإِذًا لَيْسَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} الْآيَةَ, إلَّا إبَاحَةُ نِكَاحِ الْإِمَاءِ لِمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ, وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى حُكْمِ مَنْ وَجَدَ طَوْلًا إلَى الْحُرَّةِ لَا بِحَظْرٍ وَلَا إبَاحَةٍ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي مَعْنَى الطَّوْلِ, فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ وَالسُّدِّيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا: "هُوَ الْغِنَى". وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَإِبْرَاهِيمَ قَالُوا: "إذَا هَوِيَ الْأَمَةَ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا إذَا خَافَ أَنْ يَزْنِيَ بِهَا". فَكَانَ مَعْنَى الطَّوْلِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ قَلْبُهُ عَنْهَا بِنِكَاحِ الْحُرَّةِ لِمَيْلِهِ إلَيْهَا وَمَحَبَّتِهِ لَهَا, فَأَبَاحُوا لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ نِكَاحَهَا. وَالطَّوْلُ يَحْتَمِلُ الْغِنَى وَالْقُدْرَةَ وَيَحْتَمِلُ الْفَضْلَ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ} [غافر: 3] , قِيلَ فِيهِ: ذُو الْفَضْلِ, وَقِيلَ: ذُو الْقُدْرَةِ; وَالْفَضْلُ وَالْغِنَى يَتَقَارَبَانِ فِي الْمَعْنَى فَاحْتَمَلَ الطَّوْلُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ الْغِنَى وَالْقُدْرَةَ, وَاحْتَمَلَ الْفَضْلَ وَالسَّعَةَ. فَإِذَا كَانَ مَعْنَاهُ الْغِنَى احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: حُصُولُ الْغِنَى لَهُ بِكَوْنِ الْحُرَّةِ تَحْتَهُ, وَالثَّانِي: غِنَى الْمَالِ وَقُدْرَتُهُ عَلَى تَزَوُّجِ حُرَّةٍ. وَإِذَا كَانَ مَعْنَاهُ الْفَضْلَ احْتَمَلَ إرَادَةَ الْغِنَى; لِأَنَّ الْفَضْلَ يُوجِبُ ذَلِكَ, وَالثَّانِي: اتِّسَاعُ قَلْبِهِ لِتَزَوُّجِ الْحُرَّةِ وَالِانْصِرَافِ عَنْ الْأَمَةِ, وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَّسِعْ قَلْبُهُ لِذَلِكَ وَخَشِيَ الْإِقْدَامَ مِنْ نَفْسِهِ عَلَى مَحْظُورٍ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَإِبْرَاهِيمَ هَذِهِ الْوُجُوهُ كُلُّهَا تَحْتَمِلُهَا الْآيَةُ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ, فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالشَّعْبِيِّ وَمَكْحُولٍ: "لَا يَتَزَوَّجْ الْأَمَةَ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ طَوْلًا إلَى الْحُرَّةِ". وَرُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ وَالشَّعْبِيِّ قَالَا: "نِكَاحُ الْأَمَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ لَا يَحِلُّ إلَّا لِمُضْطَرٍّ". وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ رِوَايَةٌ وَإِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ رِوَايَةٌ وَالزُّهْرِيِّ قَالُوا: "يَنْكِحُ الْأَمَةَ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا". وَعَنْ عَطَاءٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ: "أَنَّهُ إنْ خَشِيَ أَنْ يَزْنِيَ بِهَا تَزَوَّجَهَا". وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ: "أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ". وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "لَا يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ إلَّا الْمَمْلُوكُ". وَقَالَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمَكْحُولٌ فِي آخَرِينَ: "لَا يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ". وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: "يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ عَلَى الْحُرَّةِ إذَا كَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ" وَقَالَ: "إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً وَحُرَّةً فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بَطَلَ نِكَاحُهُمَا جَمِيعًا". وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَسْرُوقٌ: "إذَا تَزَوَّجَ حُرَّةً فَهُوَ طَلَاقُ الْأَمَةِ".

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست