responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 194
يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَيُوجِبُهُ, فَسُمِّي مَا يُعْطَى بَعْدَ الطَّلَاقِ مِمَّا لَا يُوجَبُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ مَتَاعًا وَمُتْعَةً لَقِلَّتِهِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَهْرِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ. وَسُمِّيَ النِّكَاحُ الْمُوَقَّتُ مُتْعَةً لِقِصَرِ مُدَّتِهِ وَقِلَّةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ مِنْ بَقَائِهِ مُؤَبَّدًا إلَى أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا الْمَوْتُ أَوْ سَبَبٌ حَادِثٌ يُوجِبُ التَّفْرِيقَ, فَوَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ عَلَى ذَلِكَ فِي إطْلَاقِ اسْمِ الْمُتْعَةِ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْمُتْعَةِ أَوْ بِلَفْظِ النِّكَاحِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُوَقَّتًا لِأَنَّ اسْمَ الْمُتْعَةِ يَتَنَاوَلُهُمَا مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا. وَأَيْضًا لَا يَخْلُو الْعَاقِدُ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَى عَشْرَةٍ أَيَّامٍ مِنْ أَنْ يَجْعَلَهُ مُوَقَّتًا عَلَى مَا شَرَطَ أَوْ يُبْطِلَ الشَّرْطَ وَيَجْعَلَهُ مُؤَبَّدًا; فَإِنْ جَعَلَهُ مُوَقَّتًا كَانَ مُتْعَةً بِلَا خِلَافٍ, وَإِنْ جَعَلَهُ مُؤَبَّدًا لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ لَيْسَ عَلَيْهِ عَقْدٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَبِيحَ بُضْعَهَا بِلَا عَقْدٍ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى صُبْرَةً مِنْ طَعَامٍ عَلَى أَنَّهَا عَشْرَةُ أَقْفِزَةٍ أَوْ قَالَ: "قَدْ اشْتَرَيْت مِنْك عَشْرَةَ أَقْفِزَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ" أَنَّ الْعَقْدَ وَاقِعٌ عَلَى عَشْرَةِ أَقْفِزَةٍ دُونَ مَا عَدَاهَا؟ فَكَذَلِكَ إذَا عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ فَمَا بَعْدَ الْعَشَرَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ عَقْدُ نِكَاحٍ, فَغَيْرُ جَائِزٍ اسْتِبَاحَةُ بُضْعِهَا فِيهِ بِالْعَقْدِ, وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَهُ مُوَقَّتًا فَيَكُونُ صَرِيحَ الْمُتْعَةِ, فَوَجَبَ بِذَلِكَ إفْسَادُ الْعَقْدِ. وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: "قَدْ تَزَوَّجْتُك عَلَى أَنْ أُطَلِّقَك بَعْدَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ" فَيَجُوزُ النِّكَاحُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ; لِأَنَّهُ عَقَدَ النِّكَاحَ مُؤَبَّدًا وَشَرَطَ فِيهِ قَطْعَهُ بِالطَّلَاقِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُطَلِّقْ كَانَ النِّكَاحُ بَاقِيًا؟ فَعَلِمْت أَنَّ النِّكَاحَ قَدْ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ التَّأْبِيدِ, وَإِنَّمَا شَرَطَ قَطْعَهُ بِالطَّلَاقِ, وَذَلِكَ شَرْطٌ فَاسِدٌ, وَالنِّكَاحُ لَا تُفْسِدُهُ الشُّرُوطُ, فَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَجُوزُ الْعَقْدُ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَهَا عَشْرَةَ أَيَّامٍ; لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْعَشَرَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ عَقْدٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا عَشْرَةَ أَيَّامٍ كَانَ الْعَقْدُ وَاقِعًا عَلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَمَا بَعْدَهَا لَيْسَ عَلَيْهَا عَقْدٌ, وَلَوْ سَكَنَهَا بَعْدَ الْعَشَرَةِ كَانَ غَاصِبًا سَاكِنًا لَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعَقْدِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ, وَلَوْ قَالَ: "آجَرْتُك هَذِهِ الدَّارَ عَلَى أَنْ أَفْسَخَ الْعَقْدَ بَعْدَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ" كَانَتْ إجَارَةً فَاسِدَةً مُؤَبَّدَةً مَا سَكَنَ مِنْهَا مِنْ الْمُدَّةِ فِي الْعَشَرَةِ وَبَعْدَ هَا يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ؟ فَكَذَلِكَ النِّكَاحُ إذَا عُقِدَ عَلَى عَشْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَى مَا بَعْدَ الْعَشَرَةِ عَقْدٌ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ قَالَ: "قَدْ تَزَوَّجْتُك عَلَى أَنَّك طَالِقٌ بَعْدَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ". كَانَ النِّكَاحُ مُوَقَّتًا; لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بَعْدَ مُضِيِّ الْعَشَرَةِ. قِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا نِكَاحًا مُوَقَّتًا بَلْ هُوَ مُؤَبَّدٌ, وَإِنَّمَا قَطَعَهُ بِالطَّلَاقِ; وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِ الطَّلَاقِ مَعَ الْعَقْدِ وَإِيقَاعِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ; لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ وَقَعَ بَدِيًّا مُؤَبَّدًا, وَإِنَّمَا أَوْقَعَ طَلَاقًا لَوَقْتٍ مُسْتَقْبِلٍ, فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ تَوْقِيتَ الْعَقْدِ.
قوله تعالى: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} مَعْنَاهُ الْمُهُورُ, فَسَمَّى الْمَهْرَ أَجْرًا لِأَنَّهُ بَدَلُ مَنَافِعِ الْبُضْعِ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَهْرُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِمَنْ كَانَ مُحْصَنًا بِالنِّكَاحِ فِي قَوْلِهِ: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} , وكقوله تعالى:

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست