responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 187
إلَى هَذَا الْمَعْنَى; إذْ كَانَ الزَّانِي إنَّمَا سُمِّيَ مُسَافِحًا لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ وَطْئِهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِهِ إلَّا عَلَى سَفْحِ الْمَاءِ بَاطِلًا مِنْ غَيْرِ اسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ بِهِ; فَمِنْ حَيْثُ نَفَى اللَّهُ تَعَالَى بِمَا أَحَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَثْبَتَ بِهِ الْإِحْصَانُ اسْمَ السِّفَاحِ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِمْتَاعِ هُوَ الْمُتْعَةُ إذْ كَانَتْ فِي مَعْنَى السِّفَاحِ, بَلْ الْمُرَادُ بِهِ النِّكَاحُ. وقَوْله تَعَالَى: {غَيْرَ مُسَافِحِينَ} شَرْطٌ فِي الْإِبَاحَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الْمُتْعَةِ; إذْ كَانَتْ الْمُتْعَةُ فِي مَعْنَى السِّفَاحِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَكَانَ الَّذِي شُهِرَ عَنْهُ إبَاحَةُ الْمُتْعَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْهُ مَعَ ذَلِكَ, فَرُوِيَ عَنْهُ إبَاحَتُهَا بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ, وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَى إبَاحَتِهَا, بَلْ دِلَالَاتُ الْآيَةِ ظَاهِرَةٌ فِي حَظْرِهَا وَتَحْرِيمِهَا مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا. ثُمَّ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَالدَّمِ وَأَنَّهَا لَا تَحِلُّ إلَّا لِمُضْطَرٍّ; وَهَذَا مُحَالٌ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ الْمُبِيحَةَ لِلْمُحَرَّمَاتِ لَا تُوجَدُ فِي الْمُتْعَةِ, وَذَلِكَ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ الْمُبِيحَةَ لِلْمَيْتَةِ وَالدَّمِ هِيَ الَّتِي يَخَافُ مَعَهَا تَلَفَ النَّفْسِ إنْ لَمْ يَأْكُلْ. وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ التَّلَفَ بِتَرْكِ الْجِمَاعِ وَفَقْدِهِ, وَإِذَا لَمْ تَحِلَّ فِي حَالِ الرَّفَاهِيَةِ وَالضَّرُورَةِ لَا تَقَعُ إلَيْهَا فَقَدْ ثَبَتَ حَظْرُهَا وَاسْتَحَالَ قَوْلُ الْقَائِلِ إنَّهَا تَحِلُّ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ, فَهَذَا قَوْلٌ مُتَنَاقِضٌ مُسْتَحِيلٌ; وَأَخْلِقْ بِأَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهْمًا مِنْ رُوَاتِهَا; لِأَنَّهُ كَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَفْقَهَ مِنْ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ; فَالصَّحِيحُ إذَا مَا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ حَظْرِهَا وَتَحْرِيمِهَا وَحِكَايَةُ مَنْ حَكَى عَنْهُ الرُّجُوعَ عَنْهَا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى تَحْرِيمِهَا قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5, 7] فَقَصَرَ إبَاحَةَ الْوَطْءِ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَحَظَرَ مَا عَدَاهُمَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} وَالْمُتْعَةُ خَارِجَةٌ عَنْهُمَا فَهِيَ إذًا مُحَرَّمَةٌ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا أَنْكَرْت أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ الْمُسْتَمْتَعُ بِهَا زَوْجَةً وَأَنَّ الْمُتْعَةَ غَيْرُ خَارِجَةٍ عَنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ قُصِرَ الْإِبَاحَةُ عَلَيْهِمَا؟ قِيلَ لَهُ: هَذَا غَلَطٌ; لِأَنَّ اسْمَ الزَّوْجَةِ إنَّمَا يَقَعُ عَلَيْهَا وَيَتَنَاوَلُهَا إذَا كَانَتْ مَنْكُوحَةً بِعَقْدِ نِكَاحٍ, وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْمُتْعَةُ نِكَاحًا لَمْ تَكُنْ هَذِهِ زَوْجَةً. فَإِنْ قِيلَ: مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُتْعَةَ لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ؟ قِيلَ لَهُ: الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النِّكَاحَ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ: وَهُوَ الْوَطْءُ وَالْعَقْدُ, وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ, وَإِذَا كَانَ الِاسْمُ مَقْصُورًا فِي إطْلَاقِهِ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ وَكَانَ إطْلَاقُهُ فِي الْعَقْدِ مَجَازًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَوَجَدْنَاهُمْ أَطْلَقُوا الِاسْمَ عَلَى عَقْدِ تَزْوِيجٍ مُطْلَقٍ أنه

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست