responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 182
كَانَتْ الْآيَةُ مُقْتَضِيَةً لِكَوْنِ بَدَلِ الْبُضْعِ مَا يُسْتَحَقُّ بِهِ تَسْلِيمُ مَالٍ إلَيْهَا, وَلَيْسَ فِي الْعِتْقِ تَسْلِيمُ مَالٍ وَإِنَّمَا فِيهِ إسْقَاطُ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ أَنْ اسْتَحَقَّتْ بِهِ تَسْلِيمَ مَالٍ إلَيْهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الرِّقَّ الَّذِي كَانَ الْمَوْلَى يَمْلِكُهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهَا وَإِنَّمَا يُتْلَفُ بِهِ مِلْكُهُ؟ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا بِهِ مَالٌ أَوْ لَمْ تَسْتَحِقَّ بِهِ تَسْلِيمَ مَالٍ إليها لم يكن مهرا.

مطلب: في أنه عليه السلام كان له أن يتزوج بغير مهر
وَمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا; فَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ, وَكَانَ مَخْصُوصًا بِهِ دُونَ الْأُمَّةِ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصًا بِجَوَازِ مِلْكِ الْبُضْعِ بِغَيْرِ بَدَلٍ كَمَا كَانَ مَخْصُوصًا بِجَوَازِ تَزْوِيجِ التِّسْعِ دُونَ الْأُمَّةِ.
قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} [النساء:4] يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَكُونُ صَدَاقًا مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَالَ: {وَآتُوهُنَّ} [النساء:4] وَذَلِكَ أَمْرٌ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ, وَإِعْطَاءُ الْعِتْقِ لَا يَصِحُّ. وَالثَّانِي: قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً} وَالْعِتْقُ لَا يَصِحُّ فَسْخُهُ بِطِيبِ نَفْسِهَا عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ. وَالثَّالِثُ: قَوْله تَعَالَى: {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} وَذَلِكَ مُحَالٌ فِي الْعِتْقِ.
قَوْله تَعَالَى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَحْتَمِلُ قَوْله تَعَالَى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْحُكْمُ بِكَوْنِهِمْ مُحْصِنِينَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَالْإِخْبَارُ عَنْ حَالِهِمْ إذَا نَكَحُوا. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْإِحْصَانُ شَرْطًا فِي الْإِبَاحَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} ; فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ فَإِطْلَاقُ الْإِبَاحَةِ عُمُومٌ يَصِحُّ اعْتِبَارُهُ فِيمَا انْتَظَمَهُ إلَّا مَا قَامَ دَلِيلُهُ, وَإِنْ أَرَادَ الْوَجْهَ الثَّانِيَ كَانَ إطْلَاقُ الْإِبَاحَةِ مُجْمَلًا لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ بِشَرِيطَةِ حُصُولِ الْإِحْصَانِ بِهِ, وَالْإِحْصَانُ لَفْظٌ مُجْمَلٌ مُفْتَقِرٌ إلَى الْبَيَانِ, فَلَا يَصِحُّ حِينَئِذٍ الِاحْتِجَاجُ بِهِ, وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ حُصُولِ الْإِحْصَانِ بِالتَّزْوِيجِ لِإِمْكَانِ اسْتِعْمَالِهِ, وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَتَى وَرَدَ لَفْظٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُمُومًا يُمْكِنُنَا اسْتِعْمَالُ ظَاهِرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُجْمَلًا مَوْقُوفَ الْحُكْمِ عَلَى الْبَيَانِ, فَالْوَاجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنَى الْعُمُومِ دُونَ الْإِجْمَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِعْمَالِ حُكْمِهِ عِنْدَ وُرُودِهِ, فَعَلَيْنَا الْمَصِيرُ إلَيْهِ; وَغَيْرُ جَائِزٍ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهٍ يُسْقِطُ عَنَّا اسْتِعْمَالَهُ إلَّا بِوُرُودِ بَيَانٍ مِنْ غَيْرِهِ, وَفِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ وَفَحْوَى الْآيَةِ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الْإِحْصَانِ إخْبَارًا عَنْ كَوْنِهِ مُحْصَنًا بِالنِّكَاحِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قال: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} والسفاح هو الزنا, فأخبر أن

مطلب: في أنه عليه السلام كان له أن يتزوج بغير مهر
وَمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا; فَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ, وَكَانَ مَخْصُوصًا بِهِ دُونَ الْأُمَّةِ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصًا بِجَوَازِ مِلْكِ الْبُضْعِ بِغَيْرِ بَدَلٍ كَمَا كَانَ مَخْصُوصًا بِجَوَازِ تَزْوِيجِ التِّسْعِ دُونَ الْأُمَّةِ.
قَوْله تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} [النساء:4] يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَكُونُ صَدَاقًا مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَالَ: {وَآتُوهُنَّ} [النساء:4] وَذَلِكَ أَمْرٌ يَقْتَضِي الْإِيجَابَ, وَإِعْطَاءُ الْعِتْقِ لَا يَصِحُّ. وَالثَّانِي: قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً} وَالْعِتْقُ لَا يَصِحُّ فَسْخُهُ بِطِيبِ نَفْسِهَا عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ. وَالثَّالِثُ: قَوْله تَعَالَى: {فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} وَذَلِكَ مُحَالٌ فِي الْعِتْقِ.
قَوْله تَعَالَى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَحْتَمِلُ قَوْله تَعَالَى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْحُكْمُ بِكَوْنِهِمْ مُحْصِنِينَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَالْإِخْبَارُ عَنْ حَالِهِمْ إذَا نَكَحُوا. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْإِحْصَانُ شَرْطًا فِي الْإِبَاحَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} ; فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ فَإِطْلَاقُ الْإِبَاحَةِ عُمُومٌ يَصِحُّ اعْتِبَارُهُ فِيمَا انْتَظَمَهُ إلَّا مَا قَامَ دَلِيلُهُ, وَإِنْ أَرَادَ الْوَجْهَ الثَّانِيَ كَانَ إطْلَاقُ الْإِبَاحَةِ مُجْمَلًا لِأَنَّهُ مَعْقُودٌ بِشَرِيطَةِ حُصُولِ الْإِحْصَانِ بِهِ, وَالْإِحْصَانُ لَفْظٌ مُجْمَلٌ مُفْتَقِرٌ إلَى الْبَيَانِ, فَلَا يَصِحُّ حِينَئِذٍ الِاحْتِجَاجُ بِهِ, وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ حُصُولِ الْإِحْصَانِ بِالتَّزْوِيجِ لِإِمْكَانِ اسْتِعْمَالِهِ, وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَتَى وَرَدَ لَفْظٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُمُومًا يُمْكِنُنَا اسْتِعْمَالُ ظَاهِرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُجْمَلًا مَوْقُوفَ الْحُكْمِ عَلَى الْبَيَانِ, فَالْوَاجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنَى الْعُمُومِ دُونَ الْإِجْمَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِعْمَالِ حُكْمِهِ عِنْدَ وُرُودِهِ, فَعَلَيْنَا الْمَصِيرُ إلَيْهِ; وَغَيْرُ جَائِزٍ حَمْلُهُ عَلَى وَجْهٍ يُسْقِطُ عَنَّا اسْتِعْمَالَهُ إلَّا بِوُرُودِ بَيَانٍ مِنْ غَيْرِهِ, وَفِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ وَفَحْوَى الْآيَةِ مَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ الْإِحْصَانِ إخْبَارًا عَنْ كَوْنِهِ مُحْصَنًا بِالنِّكَاحِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قال: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} وَالسِّفَاحُ هُوَ الزِّنَا, فَأَخْبَرَ أَنَّ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست