responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 180
الْإِعْطَاءِ إلَى الْمَأْكُولِ; فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَكُونُ مَهْرًا.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يُوجِبُ أَنْ لَا تَكُونَ خِدْمَةُ الْعَبْدِ مَهْرًا. قِيلَ لَهُ: كَذَلِكَ اقْتَضَى ظَاهِرُ الْآيَةِ وَلَوْلَا قِيَامُ الدَّلَالَةِ لَمَا جَازَ, وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نِكَاحِ الشِّغَارِ, وَهُوَ أَنْ يُزَوِّجَهُ أُخْتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ أُخْتَهُ أَوْ يُزَوِّجَهُ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ أَمَتَهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مَهْرٌ, وَهَذَا أَصْلٌ فِي أَنَّ الْمَهْرَ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَسْتَحِقَّ بِهِ تَسْلِيمُ مَالٍ, فَلَمَّا أَبْطَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَكُونَ مَنَافِعُ الْبُضْعِ مَهْرًا; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنْ كُلَّ مَا شُرِطَ مِنْ بَدَلِ الْبُضْعِ مِمَّا لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ تَسْلِيمُ مَالٍ لَا يَكُونُ مَهْرًا, وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَفْوٍ مِنْ دَمٍ عَمْدٍ أَوْ عَلَى طَلَاقِ فُلَانَةَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَهْرِ مِثْلِ مَنَافِعِ الْبُضْعِ إذَا جَعَلَهَا مَهْرًا, وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: "إنَّهُ إذَا سَمَّى فِي الشِّغَارِ لِإِحْدَاهُمَا مَهْرًا أَنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا" وَلَمْ يَجْعَلْ الْبُضْعَ مَهْرًا فِي الْحَالِ الَّتِي أَجَازَ النِّكَاحَ فِيهَا, وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ; فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إذَا كَانَ الشِّغَارُ فِي الْأَمَتَيْنِ كَانَ الْمَهْرُ مَنَافِعَ الْبُضْعِ; لِأَنَّ الْمَهْرَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمَوْلَى, فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ مَنَافِعُ الْبُضْعِ بَدَلًا فِي النِّكَاحِ. وَالثَّانِي: إذَا كَانَ الشِّغَارُ فِي الْحُرَّتَيْنِ, وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: "أُزَوِّجُك أُخْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي أُخْتَك أَوْ أُزَوِّجُك بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك" فَيَكُونُ هَذَا عَقْدًا عَارِيًّا مِنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ; لِأَنَّهُ شَرَطَ الْمَنَافِعَ لِغَيْرِ الْمَنْكُوحَةِ وَهُوَ الْوَلِيُّ, فَالشِّغَارُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ يَكُونُ عَقْدَ نِكَاحٍ عَارِيًّا عَنْ تَسْمِيَةِ بَدَلٍ لِلْمَنْكُوحَةِ, وَفِي الْوَجْهِ الْآخَرِ يَكُونُ بَدَلُ الْبُضْعِ مَنَافِعَ بُضْعٍ آخَرَ, فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا فَصَارَ أَصْلًا فِي أَنَّ بَدَلَ الْبُضْعِ شَرْطُهُ أَنْ يَسْتَحِقَّ بِهِ تَسْلِيمُ مَالٍ.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّ مَنَافِعَ بُضْعِ الْأَمَةِ حَقٌّ فِي مَالٍ, فَهَلَّا كَانَتْ كَالتَّزْوِيجِ عَلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ قِيلَ لَهُ: لِأَنَّ خِدْمَةَ الْعَبْدِ يَسْتَحِقُّ بِهَا تَسْلِيمُ مَالٍ وَهُوَ رَقَبَةُ الْعَبْدِ, كَالْمُسْتَأْجَرِ لَهُ يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمُ الْعَبْدِ إلَيْهِ لِلْخِدْمَةِ, وَزَوْجُ الْأَمَةِ لَا يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ; لِأَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ لَا يُبَوِّئَهَا بَيْتًا; وقَوْله تَعَالَى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} قَدْ اقْتَضَى أَنْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ تَسْلِيمُ مَالٍ بَدَلًا مِنْ الْبُضْعِ.
وَأَمَّا التَّزْوِيجُ عَلَى تَعْلِيمِ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَهْرًا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ تَسْلِيمُ مَالٍ كَخِدْمَةِ الْحُرِّ. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنَّ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ, فَكُلُّ مَنْ عَلَّمَ إنْسَانًا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ فَإِنَّمَا قَامَ بِفَرْضٍ; وَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً" فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ عِوَضًا لِلْبُضْعِ, وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ التَّزْوِيجُ عَلَى تَعْلِيمِ الْإِسْلَامِ؟ وَهَذَا بَاطِلٌ; لِأَنَّ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْإِنْسَانِ فِعْلَهُ فَهُوَ مَتَى فَعَلَهُ فَرْضًا فَلَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست