responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 175
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي ذَكَرْت: "إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ" فَجَعَلَ ذَلِكَ عِدَّةً. قِيلَ لَهُ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ مِنْ كَلَامِ الرَّاوِي تَأْوِيلًا مِنْهُ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَنَّهُ عِدَّةٌ, وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ لَمَّا كَانَ أَصْلُهَا اسْتِبْرَاءَ الرَّحِمِ أُجْرِيَ اسْمُ الْعِدَّةِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رُوِيَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} تَأْوِيلٌ آخَرُ: رَوَى زَمْعَةُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: "ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ" وَرَجَعَ ذَلِكَ إلَى قَوْلِهِ: حَرَّمَ اللَّهُ الزِّنَا. وَرَوَى مَعْمَرُ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} قَالَ: "فَزَوْجَتُك مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُك" يَقُولُ: حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الزِّنَا, لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَطَأَ امْرَأَةً إلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُك. وَرَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} قَالَ: "نَهْيٌ عَنْ الزِّنَا". وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ: "كُلُّ مُحْصَنَةٍ عَلَيْك حَرَامٌ إلَّا امْرَأَةً تَمْلِكُهَا بِنِكَاحٍ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَأَنَّ تَأْوِيلَهَا عِنْدَ هَؤُلَاءِ أَنَّ ذَوَاتِ الْأَزْوَاجِ حَرَامٌ إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ; وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ مُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْآيَةِ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ, وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ إرَادَةَ الْمَعَانِي الَّتِي تَأَوَّلَهَا الصَّحَابَةُ عَلَيْهَا مِنْ إبَاحَةِ وَطْءِ السَّبَايَا اللَّاتِي لَهُنَّ أَزْوَاجٌ حَرْبِيُّونَ فَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى الْأَمْرَيْنِ, وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ هِيَ الْأَمَةُ دُونَ الزَّوْجَاتِ; لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا, فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 5 و6] فَجَعَلَ مِلْكَ الْيَمِينِ غَيْرَ الزَّوْجَاتِ; وَالْإِطْلَاقُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الْإِمَاءَ الْمَمْلُوكَاتِ دُونَ الزَّوْجَاتِ, وَهِيَ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ; لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ مِنْ زَوْجَتِهِ شَيْئًا وَإِنَّمَا لَهُ مِنْهَا اسْتِبَاحَةُ الْوَطْءِ وَمَنَافِعُ بُضْعِهَا فِي مِلْكِهَا دُونَهُ, أَلَا تَرَيْ أَنَّهَا لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ كَانَ الْمَهْرُ لَهَا دُونَهُ؟ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِنْ زَوْجَتِهِ شَيْئًا, فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} عَلَى مَنْ يَمْلِكُهَا فِي الْحَقِيقَةِ وَهِيَ الْمَسْبِيَّةُ.
قوله تعالى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} رُوِيَ عَنْ عَبِيدَةُ قَالَ: "أَرْبَعٌ" وَإِنَّمَا نَصَبَ" كِتَابَ اللَّهِ "; لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ مَعْنَى {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} أَيْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذَلِكَ; وَقِيلَ: مَعْنَاهُ حَرَّمَ ذَلِكَ كِتَابًا مِنْ اللَّهِ عَلَيْكُمْ; وَهَذَا تَأْكِيدٌ لِوُجُوبِهِ وَإِخْبَارٌ مِنْهُ لَنَا بِفَرْضِهِ; لِأَنَّ الْكِتَابَ هُوَ الْفَرْضُ.
قَوْله تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} . رُوِيَ عَنْ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيِّ وَالسُّدِّيِّ: "أُحِلَّ لَكُمْ مَا دُونَ الْخَمْسِ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ عَلَى وَجْهِ النِّكَاحِ". وَقَالَ عَطَاءٌ: "أُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ مِنْ أَقَارِبِكُمْ". وَقَالَ قَتَادَةُ: {مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} : "ما ملكت

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست