responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 167
الْجَمْعِ مَا يَمْنَعُ نَفْسُ النِّكَاحِ, وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مَمْنُوعًا مِنْ تَزْوِيجِ أُخْتِهَا فِي عِدَّتِهَا كَمَا مُنِعَ ذَلِكَ فِي حَالِ بَقَاءِ نِكَاحِهَا; إذْ كَانَتْ الْعِدَّةُ تَمْنَعُ مِنْ الْجَمْعِ مَا يَمْنَعُهُ نَفْسُ النِّكَاحِ كَمَا جَرَتْ الْعِدَّةُ مَجْرَى النِّكَاحِ فِي بَابِ مَنْعِهَا مِنْ نِكَاحِ زَوْجٍ آخَرَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي الْعِدَّةِ إذَا مَنَعْته مِنْ تَزْوِيجِ الْأُخْتِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا.
قِيلَ لَهُ: لَيْسَ تَحْرِيمُ النِّكَاحِ مَقْصُورًا عَلَى الْعِدَّةِ حَتَّى إذَا مَنَعْنَاهُ مِنْ نِكَاحِ أُخْتِهَا فَقَدْ جَعَلْنَاهُ فِي الْعِدَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَزَوَّجَ أُخْتِهَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْهُ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي الْعِدَّةِ؟ وَكَذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ مِنْ عَقْدِ نِكَاحٍ عَلَى الْأُخْتِ أَوْ لِزَوْجٍ آخَرَ, وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي الْعِدَّةِ.
وقَوْله تَعَالَى: {إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} . قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدْ ذَكَرْنَا مَعْنَى قَوْلِهِ: إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ عِنْدَ ذِكْرِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} وَاخْتِلَافُ الْمُخْتَلِفِينَ فِي تَأْوِيلِهِ وَاحْتِمَالِهِ لِمَا قِيلَ فِيهِ. وَقَالَ تَعَالَى عِنْدَ ذِكْرِ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بين الأختين: {إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَحْتَمِلُ مِنْ الْمَعَانِي مَا احْتَمَلَهُ الْأَوَّلُ; وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِمَعْنًى آخَرَ لَا يَحْتَمِلُهُ الْأَوَّلُ, وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعُقُودَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى الْأُخْتَيْنِ لَا تَنْفَسِخُ وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ إحْدَاهُمَا; وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي وَهْبٍ الْجَيَشَانِيِّ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَسْلَمْت وَعِنْدِي أُخْتَانِ, فَأَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "طَلِّقْ إحْدَاهُمَا" وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ: "طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْت" , فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِمُفَارَقَتِهِمَا إنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا مَعًا, وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِمُفَارَقَةِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا إنْ كَانَ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ, وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْ ذَلِكَ; فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى بَقَاءِ نِكَاحِهِ عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ: "طَلِّقْ أَيَّتَهمَا شِئْت" وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِمَا كَانَ صَحِيحًا قَبْلَ نُزُولِ التَّحْرِيمِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا مُقَرِّينَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ عُقُودِهِمْ قَبْلَ قِيَامِ حُجَّةِ السَّمْعِ بِبُطْلَانِهَا.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْكَافِرِ يُسْلِمُ تَحْتَهُ أُخْتَانِ أَوْ خَمْسُ أَجْنَبِيَّاتٍ, فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَالثَّوْرِيُّ: "يَخْتَارُ الْأَوَائِلَ مِنْهُنَّ إنْ كُنَّ خَمْسًا, وَإِنْ كَانَتَا أُخْتَيْنِ اخْتَارَ الْأُولَى, وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ". وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيُّ: "يَخْتَارُ مِنْ الْخَمْسِ أَرْبَعًا أَيَّتَهُنَّ شَاءَ وَمِنْ الْأُخْتَيْنِ أَيَّتَهمَا شَاءَ" إلَّا أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ رُوِيَ عَنْهُ فِي الْأُخْتَيْنِ أَنَّ الْأُولَى امْرَأَتُهُ وَيُفَارِقُ الْآخِرَةَ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: "يَخْتَارُ الْأَرْبَعَ الْأَوَائِلَ, فَإِنْ لَمْ يَدْرِ أَيَّتَهُنَّ الْأُولَى طَلَّقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا". وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} وَذَلِكَ خِطَابٌ لِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ, فَكَانَ عَقْدُ الْكَافِرِ عَلَى الْأُخْتَيْنِ بَعْدَ نُزُولِ التَّحْرِيمِ كَعَقْدِ الْمُسْلِمِ فِي حُكْمِ الْفَسَادِ, فَوَجَبَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الآخرة لوقوع

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 167
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست