responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 157
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ الْكَلَامَ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَالِاخْتِلَافَ فِيهَا, وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى إيجَابِ التَّحْرِيمِ بِقَلِيلِ الرَّضَاعِ, وَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ إثْبَاتُ تَحْدِيدِ الرَّضَاعِ الْمُوجِبِ لِلتَّحْرِيمِ إلَّا بِمَا يُوجِبُ الْعِلْمَ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ مَنْقُولَةٍ مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ, وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ أَخْبَارِ الْآحَادِ عِنْدَنَا فِي تَخْصِيصِ حُكْمِ الْآيَةِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّحْرِيمِ بِقَلِيلِ الرَّضَاعِ; لِأَنَّهَا آيَةٌ مُحْكَمَةٌ ظَاهِرَةُ الْمَعْنَى بَيِّنَةُ الْمُرَادِ لَمْ يَثْبُتْ خُصُوصُهَا بِالِاتِّفَاقِ, وَمَا كَانَ هَذَا وَصْفُهُ فَغَيْرُ جَائِزٍ تَخْصِيصُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَا بِالْقِيَاسِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ", رَوَاهُ مَسْرُوقٌ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم; وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ, فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من جِهَةِ التَّوَاتُرِ وَالِاسْتِفَاضَةِ أَنَّهُ قَالَ: "يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ" رَوَاهُ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَحَفْصَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَلَقَّاهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقَبُولِ وَالِاسْتِعْمَالِ; فَلَمَّا حَرَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ وَكَانَ مَعْلُومًا أَنَّ النَّسَبَ مَتَى ثَبَتَ مِنْ وَجْهٍ أَوْجَبَ التَّحْرِيمَ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ, كَذَلِكَ الرَّضَاعُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا حُكْمُهُ فِي إيجَابِ التَّحْرِيمِ بِالرَّضْعَةِ الْوَاحِدَةِ لِتَسْوِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا فِيمَا عَلِقَ بِهِمَا مِنْ حُكْمِ التَّحْرِيمِ.
وَاحْتَجَّ مَنْ اعْتَبَرَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ بِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَأُمُّ الْفَضْلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ" وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ, فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ, فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِرَاضُ بِهَا عَلَى ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ مَا لَمْ يَثْبُتُ خُصُوصُهُ مِنْ ظَوَاهِرِ الْقُرْآنِ وَكَانَ ظَاهِرَ الْمَعْنَى بَيِّنَ الْمُرَادِ لَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُهُ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ, فَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ الَّتِي تُسْقِطُ الِاعْتِرَاضَ بِهَذَا الْخَبَرِ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ مَا حَدَّثَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن سعيد قال: حدثنا أبو خالد عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الرَّضَاعِ فَقُلْت: إنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ قَالَ: "قَدْ كَانَ ذَاكَ, فَأَمَّا الْيَوْمَ فَالرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ تُحَرِّمُ". وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: "اُشْتُرِطَتْ عَشْرُ رَضَعَاتٍ ثُمَّ قِيلَ الرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ تُحَرِّمُ"; فَقَدْ عَرَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٌ خَبَرَ الْعَدَدِ فِي الرَّضَاعِ وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالتَّحْرِيمِ بِالرَّضْعَةِ الْوَاحِدَةِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ التَّحْدِيدُ كَانَ مَشْرُوطًا فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ, وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ وَهُوَ

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست