responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 149
ثُمَّ قَالَ لَهُ السَّائِلُ: هَلْ تُوَضِّحُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا؟ قَالَ: "نَعَمْ, أَفَتَجْعَلُ الْحَلَالَ الَّذِي هُوَ نِعْمَةٌ قِيَاسًا عَلَى الْحَرَامِ الَّذِي هُوَ نِقْمَةٌ؟ " وَهَذَا هُوَ تَكْرَارٌ لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ بِزِيَادَةِ النِّعْمَةِ وَالنِّقْمَةِ, وَالسُّؤَالُ قَائِمٌ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْ بِمَا تَقْتَضِيهِ مُطَالَبَةُ السَّائِلِ بَيَانَ وَجْهِ الدَّلَالَةِ فِي مَنْعِ هَذَا الْقِيَاسِ, وَهُوَ قَدْ جَعَلَ هَذَا الْحَرَامَ الَّذِي هُوَ نِقْمَةٌ وَهُوَ وَطْءُ الْحَائِضِ وَالْجَارِيَةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْوَطْءُ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِمَنْزِلَةِ الْحَلَالِ الَّذِي هُوَ نِعْمَةٌ فِي إيجَابِ التَّحْرِيمِ, فَانْتَقَضَ مَا ذَكَرَهُ وَادَّعَاهُ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ أَقَامَهَا عَلَيْهِ.
وَحَكَى عَنْ السَّائِلِ أَنَّهُ قَالَ: إنَّ صَاحِبَنَا قَالَ: يُوجِدُكُمْ أَنَّ الْحَرَامَ يُحَرِّمُ الْحَلَالَ؟ قَالَ: "قُلْت لَهُ: أَفِيمَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ مِنْ النِّسَاءِ؟ " قَالَ: لَا, وَلَكِنْ فِي غَيْرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْمَشْرُوبِ وَالنِّسَاءِ قِيَاسٌ عَلَيْهِ, قَالَ: "قُلْت: أَفَتُجِيزُ لِغَيْرِك أَنْ يَجْعَلَ الصَّلَاةَ قِيَاسًا عَلَى النِّسَاءِ؟ " قَالَ: أَمَّا فِي شَيْءٍ فَلَا. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَمَنَعَ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا أَنْ يَقِيسَ تَحْرِيمَ الْحَرَامِ الْحَلَالَ مِنْ غَيْرِ النِّسَاءِ عَلَى النِّسَاءِ مَعَ إطْلَاقِهِ الْقَوْلَ بَدِيًّا أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُجِزْ قِيَاسَ الزِّنَا عَلَى الْوَطْءِ الْمُبَاحِ; لِأَنَّهُ حَرَامٌ وَهُوَ ضِدُّ الْحَلَالِ وَالْحَلَالُ نِعْمَةٌ وَالْحَرَامُ نِقْمَةٌ, مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لِذَلِكَ بِأَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ فِي مَنْعِ الْقِيَاسِ مَقْصُورَةٌ عَلَى النِّسَاءِ دُونَ غَيْرِهِنَّ, وَإِطْلَاقُهُ الِاعْتِلَالَ بِالْفَرْقِ الَّذِي ذُكِرَ يَلْزَمُهُ إجْرَاؤُهُ فِي سَائِرِ مَا وُجِدَ فِيهِ, فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ نَاقَضَ. ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: فَإِذَا جَازَ تَحْرِيمُ الْحَرَامِ الْحَلَالَ فِي غَيْرِ النِّسَاءِ هَلَّا جَازَ مِثْلُهُ فِي النِّسَاءِ مَعَ كَوْنِ أَحَدِهِمَا ضِدًّا لِلْآخَرِ وَكَوْنُ أَحَدِهِمَا نِعْمَةً وَالْآخَرُ نِقْمَةً, كَمَا كَانَ الْوَطْءُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مِثْلَ الْوَطْءِ بِالنِّكَاحِ فِي إيجَابِ التَّحْرِيمِ مَعَ كَوْنِ مِلْكِ الْيَمِينِ ضِدًّا لِلنِّكَاحِ أَلَا تَرَى أَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ وَالنِّكَاحِ لَا يَجْتَمِعَانِ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ؟.
وَحَكَى عَنْ السَّائِلِ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: إنَّ الصَّلَاةَ حَلَالٌ وَالْكَلَامُ فِيهَا حَرَامٌ فَإِذَا تَكَلَّمَ فِيهَا فَسَدَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ فَقَدْ أَفْسَدَ الْحَلَالَ بِالْحَرَامِ, قَالَ: "قُلْت لَهُ: زَعَمْت أَنَّ الصَّلَاةَ فَاسِدَةٌ وَالصَّلَاةُ لَا تَكُونُ فَاسِدَةً, وَلَكِنَّ الْفَاسِدَ فِعْلُهُ لَا هِيَ, وَلَكِنْ لَا تُجْزِي عَنْك الصَّلَاةُ; لِأَنَّك لَمْ تَأْتِ بِهَا كَمَا أُمِرْت". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا ظَنَنْت أَنَّ أَحَدًا مِمَّنْ يُنْتَدَبُ لِمُنَاظَرَةِ خَصْمٍ يَبْلُغُ بِهِ الْإِفْلَاسَ مِنْ الْحُجَّاجِ إلَى أَنْ يَلْجَأَ إلَى مِثْلِ هَذَا مَعَ سَخَافَةِ عَقْلِ السَّائِلِ وَغَبَاوَتِهِ, وَذَلِكَ; لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَمْتَنِعُ مِنْ إطْلَاقِ الْقَوْلِ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ إذَا فَعَلَ فِيهَا مَا يُوجِبُ بُطْلَانَهَا كَكَمَا لَا يَمْتَنِعُ مِنْ إطْلَاقِ الْقَوْلِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ إذَا وُجِدَ فِيهِ مَا يُبْطِلُهُ, فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَوْجَبَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ اسْمُ الْفَسَادِ عَلَى الصَّلَاةِ مَعَ بُطْلَانِهَا مَعَ إطْلَاقِ النَّاسِ كُلِّهِمْ ذَلِكَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَعُوزُ خَصْمَهُ أَنْ يَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ: إنِّي لَا أَقُولُ إنَّ نِكَاحَهُ يُفْسَدُ وَالنِّكَاحُ لَا يَكُونُ فَاسِدًا وَإِنَّمَا فِعْلُهُ وَهُوَ الزِّنَا هُوَ الْفَاسِدُ فَأَمَّا النِّكَاحُ فَلَمْ يُفْسِدْ وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ بَانَتْ مِنْهُ وَخَرَجَتْ مِنْ حِبَالِهِ; فَهُمَا سَوَاءٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: أَحْسَبُ أَنَّا قَدْ سَلَّمْنَا لَك

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست