responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 131
فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالْمِيرَاثِ وَالْمَوَارِيثُ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِسْلَامُ وَقُرْبُ النَّسَبِ إذَا كَانَ مِلْكًا لِمُسْلِمٍ إلَى أَنْ زَالَ عَنْهُ بِالرِّدَّةِ الْمُوجِبَةِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ كَمَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ, فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ حُكْمُ مَالِهِ الْمُكْتَسَبِ فِي حَالِ الرِّدَّةِ. وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ أَصْلًا لِلْمَالِ الْمُكْتَسَبِ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ; لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ كَانَ صَحِيحًا إلَى أَنْ زَالَ عَنْهُ الْمَوْتُ, وَالْمَالُ الْمُكْتَسَبُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ بِمَنْزِلَةِ مَالِ الْحَرْبِيِّ مِلْكُهُ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ; لِأَنَّهُ اكْتَسَبَهُ وَهُوَ مُبَاحُ الدَّمِ, فَمَتَى حَصَلَ فِي يَدِ الْمُسْلِمِينَ صَارَ مَغْنُومًا, بِمَنْزِلَةِ حَرْبِيٍّ دَخَلَ إلَيْنَا بِغَيْرِ أَمَانٍ فَأَخَذْنَاهُ مَعَ مَالِهِ أَنَّ مَالَهُ يَكُونُ غَنِيمَةً, فَكَذَلِكَ مَالُ الْمُرْتَدِّ الَّذِي اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ.
فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: مَرَّ بِي خَالِي أَبُو بُرْدَةَ وَمَعَهُ الرَّايَةُ فَقُلْت: إلَى أَيْنَ تَذْهَبُ؟ فَقَالَ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ أَقْتُلَهُ وَآخُذَ مَالَهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ فَيْءٌ. قِيلَ لَهُ: إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ; لِأَنَّ الرَّجُلَ كَانَ مُحَارِبًا مَعَ اسْتِحْلَالِهِ لِذَلِكَ حَرْبِيًّا فَكَانَ مَالُهُ مَغْنُومًا; لِأَنَّ الرَّايَةَ إنَّمَا تُعْقَدُ لِلْمُحَارَبَةِ; وَقَدْ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَدَّ مُعَاوِيَةَ إلَى رَجُلٍ عَرَّسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ وَيُخَمِّسَ مَالَهُ, وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَالَ ذَلِكَ الرَّجُلِ كَانَ مَغْنُومًا بِالْمُحَارَبَةِ وَلِذَلِكَ أُخِذَ مِنْهُ الْخُمُسُ.
فَإِنْ قِيلَ: مَا أَنْكَرْت أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُرْتَدِّ مَغْنُومًا؟ قِيلَ لَهُ: أَمَّا مَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ فَهُوَ كَذَلِكَ, وَأَمَّا مَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مَغْنُومًا, مِنْ قِبَلِ أَنَّ مَا كَانَ يُغْنَمُ مِنْ الْأَمْوَالِ سَبِيلُهُ أَنْ يَكُونَ مِلْكَ مَالِكِهِ غَيْرَ صَحِيحٍ فِيهِ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ, كَمَالِ الْحَرْبِيِّ وَمَالِ الْمُرْتَدِّ قَبْلَ الرِّدَّةِ قَدْ كَانَ مِلْكُهُ فِيهِ صَحِيحًا, فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَغْنَمَ كَمَا لَا يَغْنَمُ أَمْوَالَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَتْ أَمْلَاكُهُمْ فِيهِ صَحِيحَةً, وَزَوَالُهُ عَنْ الْمُرْتَدِّ بِالرِّدَّةِ كَزَوَالِهِ بِالْمَوْتِ فَمَتَى انْقَطَعَ حَقُّهُ عَنْهُ بِالْقَتْلِ أَوْ بِالْمَوْتِ أَوْ اللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ اسْتَحَقَّهُ وَرَثَتُهُ دُونَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ; لِأَنَّ سَائِرَ الْمُسْلِمِينَ إنْ اسْتَحَقُّوهُ بِالْإِسْلَامِ لَا عَلَى أَنَّهُ غَنِيمَةٌ كَانَتْ وَرَثَتُهُ أَوْلَى بِهِ لِاجْتِمَاعِ الْإِسْلَامِ وَالْقَرَابَةِ لَهُمْ, وَإِنْ اسْتَحَقُّوهُ بِأَنَّهُ غَنِيمَةٌ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْغَنِيمَةِ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمَغْنُومِ غَيْرَ صَحِيحِ الْمِلْكِ فِي الْأَصْلِ.
وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيمَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ, فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي مُسْلِمٍ مَاتَ فَلَمْ يُقَسَّمْ مِيرَاثُهُ حَتَّى أَسْلَمَ ابْنٌ لَهُ كَافِرٌ أَوْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَ: "إنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ", وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانِ بْنِ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيِّ وَأَبِي الزِّنَادِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُمَا قَالَا: "مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقَسَّمَ شَارَكَ فِي الْمِيرَاثِ", وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَسَنِ وَأَبِي الشَّعْثَاءِ; وَشَبَّهُوا ذَلِكَ بِالْمَوَارِيثِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, مَا

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست