responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 13
الْكُفْرَ فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "كَيْفَ وَجَدْتَ قَلْبَكَ؟ " قَالَ: مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ, فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَإِنْ عَادُوا فَعُدْ" وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّرْخِيصِ. وَرُوِيَ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ أَخَذَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قال: نعم قال: أتشهد أني رسول الله؟ قَالَ: نَعَمْ فَخَلَّاهُ, ثُمَّ دَعَا بِالْآخَرِ وَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنَّى رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَ: إنِّي أَصَمُّ, قَالَهَا ثَلَاثًا; فَضَرَبَ عُنُقَهُ, فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَمَّا هَذَا الْمَقْتُولُ فَمَضَى عَلَى صِدْقِهِ وَيَقِينِهِ, وَأَخَذَ بِفَضِيلَةٍ فَهَنِيئًا لَهُ, وَأَمَّا الْآخَرُ فَقَبِلَ رُخْصَةَ اللَّهِ فَلَا تَبِعَةَ عَلَيْهِ". وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إعْطَاءَ التَّقِيَّةِ رُخْصَةٌ, وَأَنَّ الْأَفْضَلَ تَرْكُ إظْهَارِهَا. وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِي كُلِّ أَمْرٍ كَانَ فِيهِ إعْزَازُ الدِّينِ, فَالْإِقْدَامُ عَلَيْهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَخْذِ بِالرُّخْصَةِ فِي الْعُدُولِ عَنْهُ, أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ بَذَلَ نَفْسَهُ لِجِهَادِ الْعَدُوِّ فَقُتِلَ كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنْ انْحَازَ؟ وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ أَحْوَالَ الشُّهَدَاءِ بَعْدَ الْقَتْلِ وَجَعَلَهُمْ أَحْيَاءً مَرْزُوقِينَ, فَكَذَلِكَ بَذْلُ النَّفْسِ فِي إظْهَارِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَرْكُ إظْهَارِ الْكُفْرِ أَفْضَلُ مِنْ إظْهَارِ التَّقِيَّةِ فِيهِ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ, وَنَظَائِرِهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَا وِلَايَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي شَيْءٍ, وَأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ مُسْلِمٌ بِإِسْلَامِ أُمِّهِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ فِي تَصَرُّفٍ, وَلَا تَزْوِيجٍ, وَلَا غَيْرِهِ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يَعْقِلُ جِنَايَةَ الْمُسْلِمِ, وَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ لَا يَعْقِلُ جِنَايَتَهُ; لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْوِلَايَةِ وَالنُّصْرَةِ وَالْمَعُونَةِ.
وقَوْله تَعَالَى: {وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ} رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ أَنَّ آلَ إبْرَاهِيمَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عَلَى دِينِهِ; وَقَالَ الْحَسَنُ: "وَآلُ عِمْرَانَ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ; لِأَنَّهُ ابْنُ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ; وَقِيلَ: آلُ عِمْرَانَ هُمْ آلُ إبْرَاهِيمَ, كَمَا قَالَ {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} وَهُمْ مُوسَى وَهَارُونُ ابْنَا عِمْرَانَ. وَجَعَلَ أَصْحَابُنَا الْآلُ, وَأَهْلَ الْبَيْتِ وَاحِدًا فِيمَنْ يُوصِي لِآلِ فُلَانٍ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: لِأَهْلِ بَيْتِ فُلَانٍ, فَيَكُونُ لِمَنْ يَجْمَعُهُ وَإِيَّاهُ الْجَدُّ الَّذِي يُنْسَبُونَ إلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ نَحْوُ قَوْلِهِمْ آلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ, هُمَا عِبَارَتَانِ عَنْ مَعْنًى وَاحِدٍ; قَالُوا: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ الْآلُ هُوَ بَيْتٌ يُنْسَبُ إلَيْهِ, مِثْلُ قَوْلِنَا: آلُ الْعَبَّاسِ وَآلُ عَلِيٍّ, وَالْمَعْنِيُّ فِيهِ أَوْلَادُ الْعَبَّاسِ, وَأَوْلَادُ عَلِيٍّ الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إلَيْهِمَا بِالْآبَاءِ; وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُتَعَارَفِ الْمُعْتَادِ.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ: بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ فِي التَّنَاصُرِ فِي الدِّينِ, كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} [التوبة: 67] يَعْنِي فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الضَّلَالِ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْهُدَى. وقال بعضهم {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ}

نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 13
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست