responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 122
غَيْرُ جَائِزَةٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ النُّقْصَانُ عَنْ الثُّلُثِ, وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: أَسْتَحِبُّ النُّقْصَانَ عَنْهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ". وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ إذَا كَانَ قَلِيلَ الْمَالِ وَوَرَثَتُهُ فُقَرَاءُ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ لَا يُوصِيَ بِشَيْءٍ, لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّك أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ" وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ; لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ مَمْنُوعَةٌ لِأَجْلِ الْوَرَثَةِ وَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ غَيْرُ جَائِزَةٍ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ; لِأَنَّ سَعْدًا قَالَ: أَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ مَالِي؟ فَقَالَ: "لَا" إلَى أَنْ رَدَّهُ إلَى الثُّلُثِ; وَقَدْ رَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ سَعْدٍ قَالَ: عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ, فَقَالَ: أَوْصَيْت؟ قُلْت: نَعَمْ قَالَ: بِكَمْ؟ قُلْت: بِمَالِي كُلِّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ, قَالَ: فَمَا تَرَكْت لَوَلَدِك؟ قَالَ: هُمْ أَغْنِيَاءُ, قَالَ: أَوْصِ بِالْعَشْرِ فَمَا زِلْتُ أُنَاقِصُهُ وَيُنَاقِصُنِي حَتَّى قَالَ: أَوْصِ بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ. قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَنَحْنُ نَسْتَحِبُّ أَنْ نُنْقِصَ مِنْ الثُّلُثِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ". فَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ: "أَوْصَيْت بِمَالِي كُلِّهِ" وَهَذَا لَا يَنْفِي مَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ الصَّدَقَةِ فِي الْمَرَضِ; لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ لِمَا مَنَعَهُ الْوَصِيَّةَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ ظَنَّ أَنَّ الصَّدَقَةَ جَائِزَةٌ فِي الْمَرَضِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا, فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ حُكْمَ الصَّدَقَةِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي وُجُوبِ الِاقْتِصَارِ بِهَا عَلَى الثُّلُثِ, وَهُوَ نَظِيرُ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ فِي الرَّجُلِ الَّذِي أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ, وَفِيهِ: "إنَّ الرَّجُلَ مَأْجُورٌ فِي النَّفَقَةِ عَلَى أَهْلِهِ" وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ وَهَبَ لِامْرَأَتِهِ هِبَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا; لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ; لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْجَبَ بِهَا الثَّوَابَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى; وَهُوَ نَظِيرُ مَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إذَا أَعْطَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عَطِيَّةً فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ".
وَقَوْلُ سَعْدٍ: "أَتَخَلَّفُ عَنْ هِجْرَتِي" عَنَى بِهِ أَنَّهُ يَمُوتُ بِمَكَّةَ وَهِيَ دَارُهُ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا إلَى الْمَدِينَة, وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى الْمُهَاجِرِينَ أَنْ يُقِيمُوا بَعْدَ النَّفْرِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ, فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ بَعْدَهُ حَتَّى يُنَفِّعَ اللَّهُ بِهِ أَقْوَامًا وَيَضُرَّ بِهِ آخَرِينَ; وَكَذَلِكَ كَانَ, فَإِنَّهُ بَقِيَ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدِهِ بِلَادِ الْعَجَمِ وَأَزَالَ بِهِ مُلْكَ الْأَكَاسِرَةِ; وَذَلِكَ مِنْ عُلُومِ الْغَيْبِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدُ اللَّهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَاتِمٍ الْعِجْلِيّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ صَبِيحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنَا نافع عن ابن عمر عن النبي صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ حَاكِيًا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: "يَا ابْنَ آدَمَ اثْنَتَانِ لَيْسَتْ لَك وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا: جَعَلْت لَك نَصِيبًا فِي مَالِك حِينَ أَخَذْت بِكَظْمِكَ[1] لِأُطَهِّركَ وأزكيك, وصلاة عبادي عليك بعد انقضاء

[1] قوله: "بكظمك" بفتحتين هو مخرج النفس من الحلق. "لمصححه".
نام کتاب : أحكام القرآن - ط العلمية نویسنده : الجصاص    جلد : 2  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست