نام کتاب : اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر نویسنده : فهد الرومي جلد : 1 صفحه : 146
وهناك مثال آخر في استنباطه الفقهي, فمن قول هارون لأخيه موسى -عليهما السلام: {يَا ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي} [1], استنبط رحمه الله تعالى لزوم إعفاء اللحية وإليك البيان: "هذه الآية الكريمة بضميمة آية الأنعام إليها تدل على لزوم إعفاء اللحية, فهي دليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها, وآية الأنعام المذكورة هي قوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ} ... الآية. ثم إنه تعالى قال بعد أن عد الأنبياء الكرام المذكورين: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [2], فدل ذلك على أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا -صلى الله عليه وسلم- بالاقتداء بهم، وأمره -صلى الله عليه وسلم- بذلك أمر لنا؛ لأن أمر القدوة أمر لاتباعه كما بينا إيضاحه بالأدلة القرآنية في هذا الكتاب المبارك في سورة المائدة ...
فإذا علمت بذلك أن هارون من الأنبياء الذين أمر نبينا -صلى الله عليه وسلم- بالاقتداء بهم في سورة الأنعام وعلمت أن أمره أمر لنا؛ لأن لنا فيه الأسوة الحسنة وعلمت أن هارون كان موفرا شعر لحيته بدليل قوله لأخيه: {لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي} لأنه لو كان حالقا لما أراد أخوه الأخذ بلحيته تبين لك من ذلك بإيضاح أن إعفاء اللحية من السمت الذي أمرنا به في القرآن العظيم, وأنه كان سمت الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم"[3]. ومثل هذا عنده كثير.
هذان مثالان فيهما بيان دقته في الاستنباط وهو قصدنا، ولمن أراد مزيد علم فليرجع إلى تفسيره -رحمه الله تعالى- ففيه بغيته.
وبعد:
ذلكم تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن, ما رأيت تفسيرا قديما أو حديثا فسر القرآن بالقرآن مثله, لا يكاد يتناول آية قرآنية إلا وبين ما تدل عليه [1] سورة طه: من الآية 94. [2] سورة الأنعام: من الآية 90. [3] أضواء البيان: محمد الأمين الشنقيطي ج4 ص506-507.
نام کتاب : اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر نویسنده : فهد الرومي جلد : 1 صفحه : 146