responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3198
يكابر في الحق، ويعمد إلى شبهة في لفظ أو عبارة أو منفذ خلفي للحقيقة! ومن ثم كان نهي رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- وتشديده عن المراء، الذي لا يقصد به وجه الحق، إنما يراد به الغلبة من أي طريق.
قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، عن عبادة بن عبادة، عن جعفر، عن القاسم، عن أبي أمامة- رضي الله عنه- قال: إن رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- خرج على الناس وهم يتنازعون في القرآن. فغضب غضبا شديدا، حتى كأنما صب على وجهه الخل. ثم قال- صلّى الله عليه وسلّم-:
«لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض. فإنه ما ضل قوم قط إلا أوتوا الجدل» . ثم تلا- صلّى الله عليه وسلّم- «ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ» ..
وهناك احتمال في تفسير قوله تعالى: «وَقالُوا: أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ؟» يرشح له سياق الآيات في صدد أسطورتهم عن الملائكة. وهو أنهم عنوا أن عبادتهم للملائكة خير من عبادة النصارى لعيسى ابن مريم. بما أن الملائكة أقرب في طبيعتهم وأقرب نسبا- حسب اسطورتهم- من الله سبحانه وتعالى عما يصفون. ويكون التعقيب بقوله تعالى: «ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ» .. يعني الرد على ابن الزبعري كما سبق. كما يعني أن ضربهم المثل بعبادة النصارى للمسيح باطل. فعمل النصارى ليس حجة لأنه انحراف عن التوحيد. كانحرافهم هم. فلا مجال للمفاضلة بين انحراف وانحراف. فكله ضلال. وقد أشار إلى هذا الوجه بعض المفسرين أيضا.
وهو قريب.
ومن ثم جاء التعقيب بعد هذا:
«إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ» ..
فليس إلها يعبد كما انحرف فريق من النصارى فعبدوه. إنما هو عبد أنعم الله عليه. ولا جريرة له في عبادتهم إياه. فإنما أنعم الله عليه ليكون مثلا لبني إسرائيل ينظرون إليه ويتأسون به. فنسوا المثل، وضلوا السبيل! واستطرد إلى أسطورتهم حول الملائكة، يبين لهم أن الملائكة خلق من خلق الله مثلهم. ولو شاء الله لجعل الملائكة يخلفونهم في هذه الأرض، أو لحول بعض الناس إلى ملائكة يخلفونهم في الأرض:
«وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ» ..
فمرد الأمر إلى مشيئة الله في الخلق. وما يشاؤه من الخلق يكون. وليس أحد من خلقه يمت إليه بنسب، ولا يتصل به- سبحانه- إلا صلة المخلوق بالخالق، والعبد بالرب، والعابد بالمعبود.
ثم يعود إلى تقرير شيء عن عيسى عليه السّلام. يذكرهم بأمر الساعة التي يكذبون بها أو يشكون فيها:
«وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ. فَلا تَمْتَرُنَّ بِها. وَاتَّبِعُونِ. هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ. وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ» ..
وقد وردت أحاديث شتى عن نزول عيسى- عليه السّلام- إلى الأرض قبيل الساعة وهو ما تشير إليه الآية:
«وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ» بمعنى أنه يعلم بقرب مجيئها، والقراءة الثانية «وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ» بمعنى أمارة وعلامة.
وكلاهما قريب من قريب.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها» [1] .

[1] أخرجه مالك والشيخان وأبو داود
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست