responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3168
زاد الرحلة الأصيل.
ومجموعة صفات المؤمنين ترسم طابعا مميزا للجماعة التي تقود البشرية وترجو ما عند الله وهو خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون..
وبعد تقرير صفة المؤمنين الذين يدخر الله لهم عنده ما هو خير وأبقى، يعرض في الصفحة المقابلة صورة الظالمين الضالين، وما ينتظرهم من ذل وخسران:
«وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ: هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ؟ وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ، يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ، وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا: إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ، وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ»
..
إن قضاء الله لا يرد، ومشيئته لا معقب عليها «وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ» .. فإذا علم الله من حقيقة العبد أنه مستحق للضلال، فحقت عليه كلمة الله أن يكون من أهل الضلال، لم يكن له بعد ذلك من ولي يهديه من ضلاله، أو ينصره من جزاء الضلال الذي قدره الله.. والذي يعرض منه مشهدا في بقية الآية:
«وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ: هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ، وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ، يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ» ..
والظالمون كانوا طغاة بغاة، فناسب أن يكون الذل هو مظهرهم البارز في يوم الجزاء. إنهم يرون العذاب، فتتهاوى كبرياؤهم. ويتساءلون في انكسار: «هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ؟» في هذه الصيغة الموحية باليأس مع اللهفة، والانهيار مع التطلع إلى أي بارقة للخلاص. وهم يعرضون على النار «خاشِعِينَ» لا من التقوى ولا من الحياء، ولكن من الذل والهوان! وهم يعرضون منكسي الأبصار، لا يرفعون أعينهم من الذل والعار: «يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ» .. وهي صورة شاخصة ذليلة.
وفي هذا الوقت يبدو أن الذين آمنوا هم سادة الموقف فهم ينطقون ويقررون: «وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا: إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ» .. وهم هؤلاء الذين خسروا كل شيء، والذين يقفون خاشعين من الذل يقولون: هل إلى مرد من سبيل؟
ويجيء التعليق العام على المشهد بيانا لمآل هؤلاء المعروضين على النار:
«أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ. وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ. وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ» ..
فقد عدم النصير، وقد أغلق السبيل.
وفي ظل هذا المشهد يوجه الخطاب إلى المعاندين المكابرين، ليستجيبوا لربهم قبل أن يفجأهم مثل هذا المصير فلا يجدوا لهم ملجأ يقيهم، ولا نصيرا ينكر مصيرهم الأليم، ويوجه الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- إلى التخلي عنهم إذا هم أعرضوا فلم يستجيبوا لهذا النذير فما عليه إلا البلاغ، وما هو مكلف بهم ولا كفيل:
«اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ، ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ. فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ» ..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست