responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3092
الصلة بينها، ووجوب تدبرها في محيطها الواسع، وملاحظة الارتباط بينها والاتفاق.
إن بناء الكون على القاعدة التي بناه الله عليها، ثم سيره وفق الناموس الذي قدره الله له، هو الذي سمح بوجود الحياة في هذه الأرض ونموها وارتقائها، كما أنه هو الذي سمح بوجود الحياة الإنسانية في شكلها الذي نعهده، ووافق حاجات هذا الإنسان التي يتطلبها تكوينه وفطرته. وهو الذي جعل الليل مسكنا له وراحة واستجماما، والنهار مبصرا معينا على الرؤية والحركة، والأرض قرارا صالحا للحياة والنشاط، والسماء بناء متماسكا لا يتداعى ولا ينهار، ولا تختل نسبه وأبعاده- ولو اختلت لتعذر وجود الإنسان على هذه الأرض وربما وجود الحياة! وهو الذي سمح بأن تكون هناك طيبات من الرزق تنشأ من الأرض وتهبط من السماء فيستمتع بها هذا الإنسان، الذي صوره الله فأحسن صورته، وأودعه الخصائص والاستعدادات المتسقة مع هذا الكون، الصالحة للظروف التي يعيش فيها مرتبطا بهذا الوجود الكبير.. فهذه كلها أمور مرتبطة متناسقة كما ترى ومن ثم يذكرها القرآن في مكان واحد، بهذا الترابط. ويتخذ منها برهانه على وحدانية الخالق. ويوجه في ظلها القلب البشري إلى دعوة الله وحده، مخلصا له الدين، هاتفا: الحمد لله رب العالمين. ويقرر أن الذي يصنع هذا ويبدعه بهذا التناسق هو الذي يليق أن يكون إلها. وهو الله. رب العالمين. فكيف يصرف الناس عن هذا الحق الواضح المبين؟
ونذكر هنا لمحات خاطفة تشير إلى بعض نواحي الارتباط في تصميم هذا الكون وعلاقته بحياة الإنسان..
مجرد لمحات تسير مع اتجاه هذه الإشارة المجملة في كتاب الله..
«لو كانت الأرض لا تدور حول نفسها في مواجهة الشمس ما تعاقب الليل والنهار..
«لو دارت الأرض حول نفسها أسرع مما تدور لتناثرت المنازل، وتفككت الأرض، وتناثرت هي الأخرى في الفضاء..
«لو دارت الأرض حول نفسها أبطأ مما تدور لهلك الناس من حر ومن برد. وسرعة دوران الأرض حول نفسها، هذه السرعة القائمة الكائنة اليوم، هي سرعة توافق ما على الأرض من حياة حيوانية نباتية بأوسع معانيها.
«لولا دوران الأرض حول نفسها لفرغت البحار والمحيطات من مائها.
«ماذا يحدث لو استقام محور الأرض، وجرت الأرض في مدارها حول الشمس في دائرة، الشمس مركزها؟ إذن لاختفت الفصول، ولم يدر الناس ما صيف وما شتاء، وما ربيع وما خريف [1] » .
«لو كانت قشرة الأرض أسمك مما هي بمقدار بضعة أقدام، لامتص ثاني أكسيد الكربون الأوكسجين.
ولما أمكن وجود حياة النبات.
«ولو كان الهواء أرفع كثيرا مما هو فإن بعض الشهب التي تحترق الآن بالملايين في الهواء الخارجي كانت تضرب جميع أجزاء الكرة الأرضية، وهي تسير بسرعة تتراوح بين ستة أميال وأربعين ميلا في الثانية. وكان في إمكانها أن تشعل كل شيء قابل للاحتراق. ولو كانت تسير ببطء رصاصة البندقية لارتطمت كلها بالأرض ولكانت العاقبة مروعة. أما الإنسان فإن اصطدامه بشهاب ضئيل يسير بسرعة تفوق سرعة الرصاصة تسعين مرة كان يمزقه إربا من مجرد حرارة مروره.
«لو كان الأوكسجين بنسبة 50 في المائة مثلا أو أكثر في الهواء بدلا من 21 في المائة فإن جميع المواد القابلة

[1] عن كتاب «مع الله. في السماء للدكتور أحمد زكي.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3092
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست