نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 3022
ويقول القرآن الكريم:
«وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ» ..
وتقول بعض الروايات: إن الله أحيا له أبناءه ووهب له مثلهم، وليس في النص ما يحتم أنه أحيا له من مات.
وقد يكون معناه أنه بعودته إلى الصحة والعافية قد استرد أهله الذين كانوا بالنسبة إليه كالمفقودين. وأنه رزقه بغيرهم زيادة في الإنعام والرحمة والرعاية. مما يصلح ذكرى لذوي العقول والإدراك.
والمهم في معرض القصص هنا هو تصوير رحمة الله وفضله على عباده الذين يبتليهم فيصبرون على بلائه وترضى نفوسهم بقضائه.
فأما قسمه ليضربن زوجه. فرحمة من الله به وبزوجه التي قامت على رعايته وصبرت على بلائه وبلائها به، أمره الله أن يأخذ مجموعة من العيدان بالعدد الذي حدده. فيضربها به ضربة واحدة. تجزئ عن يمينه، فلا يحنث فيها:
«وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ» ..
هذا التيسير، وذلك الإنعام، كانا جزاء على ما علمه الله من عبده أيوب من الصبر على البلاء وحسن الطاعة والالتجاء:
«إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً، نِعْمَ الْعَبْدُ، إِنَّهُ أَوَّابٌ» ..
وبعد عرض هذه القصص الثلاثة بشيء من التفصيل ليذكره رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- ويصبر على ما يلاقيه. يجمل السياق الإشارة إلى مجموعة من الرسل. في قصصهم من البلاء والصبر، ومن الإنعام والإفضال، ما في قصص داود وسليمان وأيوب- عليهم السّلام- ومنهم سابقون على هؤلاء معروف زمانهم. ومنهم من لا نعرف زمانه، لأن القرآن والمصادر المؤكدة لدينا لم تحدده:
«وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ. إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ. وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ. وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ..» ..
وإبراهيم وإسحاق ويعقوب- وكذلك إسماعيل- كانوا قبل داود وسليمان قطعا. ولكن لا نعرف أين هم من زمان أيوب. وكذلك اليسع وذو الكفل. ولم يرد عنهما في القرآن إلا إشارات سريعة. وهناك نبي من أنبياء بني إسرائيل اسمه بالعبرية: «اليشع» وهو اليسع بالعربية على وجه الترجيح. فأما ذو الكفل فلا نعرف عنه شيئا إلا صفته هذه «مِنَ الْأَخْيارِ» ..
ويصف الله سبحانه: إبراهيم وإسحاق ويعقوب، بأنهم «أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ» .. كناية عن العمل الصالح بالأيدي والنظر الصائب أو الفكر السديد بالأبصار. وكأن من لا يعمل صالحا لا يد له. ومن لا يفكر تفكيرا سليما لا عقل له أو لا نظر له! كما يذكر من صفتهم التكريمية أن الله أخلصهم بصفة خاصة ليذكروا الدار الآخرة، ويتجردوا من كل شيء سواها: «إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ» .. فهذه ميزتهم ورفعتهم. وهذه جعلتهم عند الله مختارين أخيارا: «وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ» ..
وكذلك يشهد الله- سبحانه- لإسماعيل واليسع وذي الكفل أنهم من الأخيار. ويوجه خاتم أنبيائه وخير
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 3022