responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3021
فما معنى هذا؟ معناه أنهم إذا لم ينتهوا فستتجه إرادتنا إلى تسليطك عليهم وإخراجهم من المدينة. وسيتم هذا بتوجيه إرادتك أنت ورغبتك إلى قتالهم وإخراجهم فتتم إرادتنا بهم عن طريقك. فهذا لون من توافق أمر الله- سبحانه- وأمر النبي- صلّى الله عليه وسلّم- وإرادة الله وأمره هما الأصيلان. وهما يتجليان في إرادة الرسول وأمره وفق ما أراد الله. وهذا يقرب إلينا معنى تسخير الريح لأمر سليمان- عليه السّلام- تسخيرها لأمره المطابق لأمر الله في توجيه هذه الرياح، الممثل لأمر الله المعبر عنه على كل حال.
كذلك سخر له الشياطين لتبني له ما يشاء وتغوص له في البحر والأرض في طلب ما يشاء. وأعطاه السلطة لعقاب المخالفين والمفسدين ممن سخرهم له وتكبيلهم بالأصفاد مقرونة أيديهم إلى أرجلهم. أو مقرنين اثنين اثنين أو أكثر في القيود عند الاقتضاء.
ثم قيل له: إنك مطلق اليد فيما وهب الله لك من سلطة ومن نعمة. تعطي من تشاء كيف تشاء. وتمسك عمن تشاء قدر ما تشاء:
«هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ» ..
وذلك زيادة في الإكرام والمنة. ثم زاد على هذا كله أن له عند ربه قربى في الدنيا وحسن مآب في الآخرة:
«وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ» ..
وتلك درجة عظيمة من الرعاية والرضى والإنعام والتكريم.
ثم نمضي مع قصة الابتلاء والصبر، والإنعام بعد ذلك والإفضال. نمضي في السياق مع قصة أيوب:
«وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ. ارْكُضْ بِرِجْلِكَ. هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ. وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ. وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ، إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ» ..
وقصة ابتلاء أيوب وصبره ذائعة مشهورة وهي تضرب مثلا للابتلاء والصبر. ولكنها مشوبة بإسرائيليات تطغى عليها. والحد المأمون في هذه القصة هو أن أيوب- عليه السّلام- كان كما جاء في القرآن عبدا صالحا أوّابا وقد ابتلاه الله فصبر صبرا جميلا، ويبدو أن ابتلاءه كان بذهاب المال والأهل والصحة جميعا ولكنه ظل على صلته بربه، وثقته به، ورضاه بما قسم له.
وكان الشيطان يوسوس لخلصائه القلائل الذين بقوا على وفائهم له- ومنهم زوجته- بأن الله لو كان يحب أيوب ما ابتلاه. وكانوا يحدثونه بهذا فيؤذيه في نفسه أشد مما يؤذيه الضر والبلاء. فلما حدثته امرأته ببعض هذه الوسوسة حلف لئن شفاه الله ليضربنها عددا عينه- قيل مائة.
وعندئذ توجه إلى ربه بالشكوى مما يلقى من إيذاء الشيطان، ومداخله إلى نفوس خلصائه، ووقع هذا الإيذاء في نفسه:
«أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ» ..
فلما عرف ربه منه صدقه وصبره، ونفوره من محاولات الشيطان، وتأذيه بها، أدركه برحمته. وأنهى ابتلاءه، ورد عليه عافيته.. إذ أمره أن يضرب الأرض بقدمه فتتفجر عين باردة يغتسل منها ويشرب فيشفى ويبرأ:
«ارْكُضْ بِرِجْلِكَ. هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ» ..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 3021
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست