نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 3010
ثم يموهون على الناس بظواهر العقيدة القريبة منهم. عقيدة أهل الكتاب. بعد ما دخلت إليها الأساطير التي حرفتها عن التوحيد الخالص فيقولون:
«ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ. إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ» .
وكانت عقيدة التثليث قد شاعت في المسيحية. وأسطورة العزيز قد شاعت كذلك في اليهودية. فكبراء قريش كانوا يشيرون إلى هذا وهم يقولون: «ما سمعنا بهذا التوحيد المطلق لله.
الذي جاء به محمد- صلّى الله عليه وسلّم- فما يقول إذن إلا اختلاقا! ولقد حرص الإسلام حرصا شديدا على تجريد عقيدة التوحيد وتخليصها من كل ما علق بها من الأساطير والأوشاب والانحرافات التي طرأت على العقائد التي سبقته. حرص هذا الحرص لأن التوحيد حقيقة أولية كبيرة يقوم عليها هذا الوجود كله ويشهد بها هذا الوجود شهادة واضحة أكيدة. ولأن هذا التوحيد في الوقت ذاته قاعدة لا تصلح الحياة البشرية كلها في أصولها وفروعها إلا إذا قامت عليها.
ويحسن ونحن نستعرض مقاومة قريش لهذه العقيدة ودهشتها وعجبها من جعل الآلهة إلها واحدا. ومقاومة المشركين قبل قريش على مدار القرون ومدار الرسالات لهذه الحقيقة كذلك. وإصرار كل رسول عليها، وقيام كل رسالة على أساسها. والجهد الضخم الذي بذل في إقرار هذه الحقيقة في نفوس البشر على مدار الزمان..
يحسن أن نتوسع قليلا في بيان قيمة هذه الحقيقة.
إنها حقيقة أولية كبيرة يقوم عليها الوجود، ويشهد بها كل ما في الوجود..
إن وحدة النواميس الكونية التي تتحكم في هذا الكون الذي نراه واضحة وناطقة بأن الإرادة التي أنشأت هذه النواميس لا بد أن تكون واحدة.. وحيثما نظرنا إلى هذا الكون واجهتنا هذه الحقيقة، حقيقة وحدة النواميس. وحدة تشي بوحدة الإرادة.
كل ما في هذا الكون في حركة دائمة منتظمة.. الذرة الصغيرة وهي الوحدة الأولى لكل ما في الكون من شيء- حي أو غير حي- في حركة مستمرة. فهي مؤلفة من الكترونات تتحرك حول النواة المؤلفة من بروتونات.
كما تدور الكواكب حول الشمس في المجموعة الشمسية. وكما تدور المجرة المؤلفة من مجموعات شمسية ومن كتل سديمية حول نفسها.. واتجاه الدورة في الكواكب وفي الشمس وفي المجرة اتجاه واحد من الغرب إلى الشرق. عكس دورة الساعة! [1] .
والعناصر التي تتكون منها الأرض وبقية الكواكب السيارة واحدة. وعناصر النجوم هي كذلك من عناصر الأرض. والعناصر مؤلفة من ذرات. والذرات مؤلفة من الكترونات وبروتونات ونيوترونات.. كلها مؤلفة من هذه اللبنات الثلاث بلا استثناء..
«وفي الوقت الذي ترد فيه المادة إلى ثلاث لبنات. يرد العلماء «القوى» إلى أصل واحد: الضوء والحرارة.
الأشعة السينية، الأشعة اللاسلكية، الأشعة الجيمية. وكل إشعاع في الدنيا.. كلها صور متعددة لقوة واحدة.
تلك القوة المغناطيسية الكهربائية. إنها جميعا تسير بسرعة واحدة، وما اختلافها إلا اختلاف موجة.
«المادة ثلاث لبنات. والقوى موجات متأصلات.
«ويأتي أينشتين وفي نظريته النسبية الخاصة، يكافئ بين المادة والقوى ويقول: إن المادة والقوى شيء [1] عن كتاب: مع الله في السماء للدكتور أحمد زكي المدير السابق لجامعة القاهرة.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 3010