responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2905
ووراءه كثير من الأصناف والألوان تتكشف آنا بعد آن.. ورزق الأرض من نبات وحيوان وعيون ماء وزيوت ومعادن وكنوز.. وغيرها مما يعرفه القدامى ويتكشف غيره على مدار الزمان..
«قُلْ: مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ؟» ..
«قُلِ: اللَّهُ» ..
فما يملكون أن يماروا في هذا ولا أن يدعوا سواه.
قل: الله. ثم كل أمرهم وأمرك إلى الله. فأحدكما لا بد مهتد وأحدكما لا بد ضال.
ولا يمكن أن تكون أنت وهم على طريق واحد من هدى أو من ضلال:
«وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ» ..
وهذه غاية النصفة والاعتدال والأدب في الجدال. أن يقول رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- للمشركين:
إن أحدنا لا بد أن يكون على هدى، والآخر لا بد أن يكون على ضلال. ثم يدع تحديد المهتدي منهما والضال.
ليثير التدبر والتفكر في هدوء لا تغشى عليه العزة بالإثم، والرغبة في الجدال والمحال! فإنما هو هاد ومعلم، يبتغي هداهم وإرشادهم لا إذلالهم وإفحامهم، لمجرد الإذلال والإفحام! الجدل على هذا النحو المهذب الموحي أقرب إلى لمس قلوب المستكبرين المعاندين المتطاولين بالجاه والمقام، المستكبرين على الإذعان والاستسلام، وأجدر بأن يثير التدبر الهادئ والاقتناع العميق. وهو نموذج من أدب الجدل ينبغي تدبره من الدعاة..
ومنه كذلك الإيقاع الثالث، الذي يقف كل قلب أمام عمله وتبعته، في أدب كذلك وقصد وإنصاف:
«قُلْ: لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا، وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ» ..
ولعل هذا كان ردا على اتهام المشركين بأن الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- ومن معه هم المخطئون الجارمون! وقد كانوا يسمونهم: «الصابئين» أي المرتدين عن دين الآباء والأجداد. وذلك كما يقع من أهل الباطل أن يتهموا أهل الحق بالضلال! في تبجح وفي غير ما استحياء! «قُلْ: لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا، وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ» ..
فلكل عمله. ولكل تبعته ولكل جزاؤه.. وعلى كل أن يتدبر موقفه، ويرى إن كان يقوده إلى فلاح أو إلى بوار.
وبهذه اللمسة يوقظهم إلى التأمل والتدبر والتفكر. وهذه هي الخطوة الأولى في رؤية وجه الحق. ثم في الاقتناع.
ثم الإيقاع الرابع:
«قُلْ: يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا، ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ، وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ» ..
ففي أول الأمر يجمع الله بين أهل الحق وأهل الباطل، ليلتقي الحق بالباطل وجها لوجه، وليدعو أهل الحق إلى حقهم، ويعالج الدعاة دعوتهم. وفي أول الأمر تختلط الأمور وتتشابك، ويصطرع الحق والباطل

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2905
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست