responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2883
باقين فيها عهدا طويلا، لا يعلم مداه إلا الله ولا نهاية له إلا في علم الله، حيث يشاء الله. وهم مجردون من كل عون، محرومون من كل نصير، فلا أمل في الخلاص من هذا السعير، بمعونة من ولي ولا نصير:
«لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً» ..
أما مشهدهم في هذا العذاب فهو مشهد بائس أليم:
«يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ» ..
والنار تغشاهم من كل جهة، فالتعبير على هذا النحو يراد به تصوير الحركة وتجسيمها، والحرص على أن تصل النار إلى كل صفحة من صفحات وجوههم زيادة في النكال! «يَقُولُونَ: يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا» ..
وهي أمنية ضائعة، لا موضع لها ولا استجابة، فقد فات الأوان. إنما هي الحسرة على ما كان! ثم تنطلق من نفوسهم النقمة على سادتهم وكبرائهم، الذين أضلوهم، وبالإنابة إلى الله وحده، حيث لا تنفع الإنابة:
«وَقالُوا: رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا. رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً» ..
هذه هي الساعة. ففيم السؤال عنها؟ إن العمل لها هو المخلص الوحيد من هذا المصير المشئوم فيها! ويبدو أن زواج الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- من زينب بنت جحش- رضي الله عنها- مخالفا في ذلك عرف الجاهلية الذي تعمد الإسلام أن يبطله بهذه السابقة العملية. يبدو أن هذا الزواج لم يمر بسهولة ويسر وأنه قد انطلقت ألسنة كثيرة من المنافقين ومرضى القلوب، وغير المتثبتين الذين لم يتضح في نفوسهم التصور الإسلامي الناصع البسيط، انطلقت تغمز وتلمز، وتؤول وتعترض، وتهمس وتوسوس. وتقول قولا عظيما! والمنافقون والمرجفون لم يكونوا يسكتون. فقد كانوا ينتهزون كل فرصة لبث سمومهم. كالذي رأينا في غزوة الأحزاب. وفي حديث الإفك. وفي قسمة الفيء. وفي كل مناسبة تعرض لإيذاء النبي- صلّى الله عليه وسلّم- بغير حق.
وفي هذا الوقت- بعد إجلاء بني قريظة وسائر اليهود من قبل- لم يكن في المدينة من هو ظاهر بالكفر. فقد أصبح أهلها كلهم مسلمين، إما صادقين في إسلامهم وإما منافقين. وكان المنافقون هم الذين يروجون الشائعات، وينشرون الأكاذيب، وكان بعض المؤمنين يقع في حبائلهم، ويسايرهم في بعض ما يروجون. فجاء القرآن يحذرهم إيذاء النبي- صلّى الله عليه وسلّم- كما آذى بنو إسرائيل نبيهم موسى- عليه السّلام- ويوجههم إلى تسديد القول، وعدم إلقائه على عواهنه، بغير ضبط ولا دقة ويحببهم في طاعة الله ورسوله وما وراءها من فوز عظيم:
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قالُوا. وَكانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً. يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ، وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ. وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً» ..
ولم يحدد القرآن نوع الإيذاء لموسى ولكن وردت روايات تعينه. ونحن لا نرى بنا من حاجة للخوض في هذا الذي أجمله القرآن. فإنما أراد الله تحذير الذين آمنوا من كل ما يؤذي النبي- صلّى الله عليه وسلّم-

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2883
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست