responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2882
«يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ. قُلْ: إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ. وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً» ..
وقد كانوا ما يفتأون يسألون النبي- صلّى الله عليه وسلّم- عن الساعة التي حدثهم عنها طويلا وخوفهم بها طويلا ووصف القرآن مشاهدها حتى لكأن قارئه يراها. يسألونه عن موعدها ويستعجلون هذا الموعد ويحمل هذا الاستعجال معنى الشك فيها، أو التكذيب بها، أو السخرية منها، بحسب النفوس السائلة، وقربها من الإيمان أو بعدها.
والساعة غيب قد اختص به الله سبحانه، ولم يشأ أن يطلع عليه أحدا من خلقه جميعا، بما فيهم الرسل والملائكة المقربون. وفي حديث حقيقة الإيمان والإسلام: عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- قال:
حدثني أبي عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثوب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه وقال:
يا محمد أخبرني عن الإسلام. فقال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال: صدقت! فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت! قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فأخبرني عن الساعة. قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل.. إلخ. ثم قال رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- «فإنه جبريل عليه السّلام أتاكم يعلمكم دينكم [1] » .
فالمسؤول رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- والسائل- جبريل عليه السّلام- كلاهما لا يعلم علم الساعة «قُلْ: إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ» .. على وجه الاختصاص والتفرد من دون عباد الله.
قدر الله هذا لحكمة يعلمها، نلمح طرفا منها، في ترك الناس على حذر من أمرها، وفي توقع دائم لها، وفي استعداد مستمر لفجأتها. ذلك لمن أراد الله له الخير، وأودع قلبه التقوى. فأما الذين يغفلون عن الساعة، ولا يعيشون في كل لحظة على أهبة للقائها، فأولئك الذين يختانون أنفسهم، ولا يقونها من النار. وقد بين الله لهم وحذرهم وأنذرهم وجعل الساعة غيبا مجهولا متوقعا في أية لحظة من لحظات الليل والنهار: «وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً» ..
«إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً، خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً، يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ، يَقُولُونَ: يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا. وَقالُوا: رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا، فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا. رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً» ..
إنهم يسألون عن الساعة. فهذا مشهد من مشاهد الساعة:
«إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً» ..
إن الله طرد الكافرين من رحمته، وهيأ لهم نارا مسعرة متوقدة، فهي معدة جاهزة حاضرة.
«خالِدِينَ فِيها أَبَداً» ..

[1] أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2882
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست