نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 2876
النساء. وقد نظر الله إليهن، فاستثنى رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- من ذلك القيد، وأحل له استبقاء نسائه جميعا في عصمته، وجعلهن كلهن حلا له، ثم نزل القرآن بعد ذلك بألا يزيد عليهن أحدا، ولا يستبدل بواحدة منهن أخرى. فإنما هذه الميزة لهؤلاء اللواتي ارتبطن به وحدهن، كي لا يحرمن شرف النسبة إليه، بعد ما اخترن الله ورسوله والدار الآخرة.. وحول هذه المبادئ تدور هذه الآيات:
«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ، وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ، وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ، وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها، خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ، لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ، وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً. تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ، وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ. ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً. لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ، وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ- إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ- وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً» ..
ففي الآية يحل الله للنبي- صلّى الله عليه وسلّم- أنواع النساء المذكورات فيها- ولو كن فوق الأربع- مما هو محرم على غيره. وهذه الأنواع هي: الأزواج اللواتي أمهرهن. وما ملكت يمينه إطلاقا من الفيء، وبنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته ممن هاجرن معه دون غيرهن ممن لم يهاجرن- إكراما للمهاجرات- وأيما امرأة وهبت نفسها للنبي بلا مهر ولا ولي. إن أراد النبي نكاحها (وقد تضاربت الروايات حول ما إذا كان النبي- صلّى الله عليه وسلّم- قد تزوج واحدة من هذا الصنف من النساء أم لم يتزوج، والأرجح أنه زوج اللواتي عرضن أنفسهن عليه من رجال آخرين) وقد جعل الله هذه خصوصية للنبي- صلّى الله عليه وسلّم- بما أنه ولي المؤمنين والمؤمنات جميعا. فأما الآخرون فهم خاضعون لما بينه الله وفرضه عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم.
ذلك كي لا يكون على النبي حرج في استبقاء أزواجه وفي الاستجابة للظروف الخاصة المحيطة بشخصه.
ثم ترك الخيار له- صلّى الله عليه وسلّم- في أن يضم إلى عصمته من شاء ممن يعرضن أنفسهن عليه، أو يؤجل ذلك. ومن أرجأهن فله أن يعود إليهن حين يشاء.. وله أن يباشر من نسائه من يريد ويرجئ من يريد.
ثم يعود.. «ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ» .. فهي مراعاة الظروف الخاصة المحيطة بشخص الرسول- صلّى الله عليه وسلّم- والرغبات الموجهة إليه، والحرص على شرف الاتصال به، مما يعلمه الله ويدبره بعلمه وحلمه. «وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً» .
ثم أنزل الله تحريم من عدا نسائه اللواتي في عصمته فعلا، لا من ناحية العدد، ولكن هن بذواتهن لا يستبدل بهن غيرهن ولم يعرف أن رسول الله قد زاد عليهن قبل التحريم:
«لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ، وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ- وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ» لا يستثني من ذلك- «إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ» .. فله منهن ما يشاء.. «وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً» .. والأمر موكول إلى هذه الرقابة واستقرارها في القلوب.
وقد روت عائشة- رضي الله عنها- أن هذا التحريم قد ألغي قبل وفاة النبي- صلّى الله عليه وسلّم- وتركت له حرية الزواج. ولكنه- صلّى الله عليه وسلّم- لم يتزوج كذلك غيرهن بعد هذه الإباحة. فكن هن أمهات المؤمنين..
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 2876