responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2871
ما اختار. ليحل للناس أزواج أدعيائهم، إذا ما قضوا منهن وطرا، وانتهت حاجتهم منهن، وأطلقوا سراحهن..
قضى الله هذا وفق علمه بكل شيء. ومعرفته بالأصلح والأوفق من النظم والشرائع والقوانين ووفق رحمته وتخيره للمؤمنين.
ثم يمضي السياق القرآني في ربط القلوب بهذا المعنى الأخير، ووصلهم بالله الذي فرض على رسوله ما فرض، واختار للأمة المسلمة ما اختار يريد بها الخير، والخروج من الظلمات إلى النور:
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا. هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ، وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً. تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ. وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً» ..
وذكر الله اتصال القلب به، والاشتغال بمراقبته وليس هو مجرد تحريك اللسان. وإقامة الصلاة ذكر الله.
بل إنه وردت آثار تكاد تخصص الذكر بالصلاة:
روى أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث الأعمش عن الأغر أبي مسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي- صلّى الله عليه وسلّم- قال: «إذا أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا ركعتين، كانا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات» ..
وإن كان ذكر الله أشمل من الصلاة. فهو يشمل كل صورة يتذكر فيها العبد ربه، ويتصل به قلبه.
سواء جهر بلسانه بهذا الذكر أم لم يجهر. والمقصود هو الاتصال المحرك الموحي على أية حال.
وإن القلب ليظل فارغا أو لاهيا أو حائرا حتى يتصل بالله ويذكره ويأنس به. فإذا هو مليء جاد، قار، يعرف طريقه، ويعرف منهجه، ويعرف من أين وإلى أين ينقل خطاه! ومن هنا يحض القرآن كثيرا، وتحض السنة كثيرا، على ذكر الله. ويربط القرآن بين هذا الذكر وبين الأوقات والأحوال التي يمر بها الإنسان، لتكون الأوقات والأحوال مذكرة بذكر الله ومنبهة إلى الاتصال به حتى لا يغفل القلب ولاينسى:
«وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا» ..
وفي البكرة والأصيل خاصة ما يستجيش القلوب إلى الاتصال بالله، مغير الأحوال، ومبدل الظلال وهو باق لا يتغير ولا يتبدل، ولا يحول ولا يزول. وكل شيء سواه يتغير ويتبدل، ويدركه التحول والزوال وإلى جانب الأمر بذكر الله وتسبيحه، إشعار القلوب برحمة الله ورعايته، وعنايته بأمر الخلق وإرادة الخير لهم وهو الغني عنهم، وهم الفقراء المحاويج، لرعايته وفضله:
«هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ، لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ. وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً» ..
وتعالى الله، وجلت نعمته، وعظم فضله، وتضاعفت منته وهو يذكر هؤلاء العباد الضعاف المحاويج الفانين، الذين لا حول لهم ولا قوة، ولا بقاء لهم ولا قرار. يذكرهم، ويعني بهم، ويصلي عليهم هو وملائكته، ويذكرهم بالخير في الملأ الأعلى فيتجاوب الوجود كله بذكرهم، كما قال رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-:
«يقول الله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه [1] » ..

[1] أخرجه البخاري.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2871
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست