responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2869
وألهم الله نبيه- صلّى الله عليه وسلّم- أن زيدا سيطلق زينب وأنه هو سيتزوجها، للحكمة التي قضى الله بها. وكانت العلاقات بين زيد وزينب قد اضطربت، وعادت توحي بأن حياتهما لن تستقيم طويلا.
وجاء زيد مرة بعد مرة يشكو إلى رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- اضطراب حياته مع زينب وغدم استطاعته المضي معها. والرسول- صلوات الله وسلامه عليه- على شجاعته في مواجهة القومة في أمر العقيدة دون لجلجة ولا خشية- يحس ثقل التبعة فيما ألهمه الله من أمر زينب ويتردد في مواجهة القوم بتحطيم ذلك التقليد العميق فيقول لزيد (الذي أنعم الله عليه بالإسلام وبالقرب من رسوله وبحب الرسول له، ذلك الحب الذي يتقدم به في قلبه على كل أحد بلا استثناء. والذي أنعم عليه الرسول بالعتق والتربية والحب) .. يقول له:
«أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ» .. ويؤخر بهذا مواجهة الأمر العظيم الذي يتردد في الخروج به على الناس.
كما قال الله تعالى: «وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ!» .. وهذا الذي أخفاه النبي- صلّى الله عليه وسلّم- في نفسه، وهو يعلم أن الله مبديه، هو ما ألهمه الله أن سيفعله. ولم يكن أمرا صريحا من الله. وإلا ما تردد فيه ولا أخره ولا حاول تأجيله. ولجهر به في حينه مهما كانت العواقب التي يتوقعها من إعلانه. ولكنه- صلّى الله عليه وسلّم- كان أمام إلهام يجده في نفسه، ويتوجس في الوقت ذاته من مواجهته، ومواجهة الناس به. حتى أذن الله بكونه. فطلق زيد زوجه في النهاية. وهو لا يفكر لا هو ولا زينب، فيما سيكون بعد. لأن العرف السائد كان يعد زينب مطلقة ابن لمحمد لا تحل له. حتى بعد إبطال عادة التبني فى ذاتها. ولم يكن قد نزل بعد إحلال مطلقات الأدعياء. إنما كان حادث زواح النبي بها فيما بعد هو الذي قرر هذه القاعدة. بعد ما قوبل هذا القرار بالدهشة والمفاجأة والاستنكار.
وفي هذا ما يهدم كل الروايات التي رويت عن هذا الحادث والتي تشبث بها أعداء الإسلام قديما وحديثا، وصاغوا حولها الأساطير والمفتريات! إنما كان الأمر كما قال الله تعالى: «فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها، لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً» .. وكانت هذه إحدى ضرائب الرسالة الباهظة حملها رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- فيما حمل وواجه بها المجتمع الكاره لها كل الكراهية. حتى ليتردد في مواجهته بها وهو الذي لم يتردد في مواجهته بعقيدة التوحيد، وذم الآلهة والشركاء وتخطئة الآباء والأجداد! «وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا» .. لا مرد له، ولا مفر منه. واقعا محققا لا سبيل إلى تخلفه ولا إلى الحيدة عنه.
وكان زواجه- صلّى الله عليه وسلّم- من زينب- رضي الله عنها- بعد انقضاء عدتها. أرسل إليها زيدا زوجها السابق. وأحب خلق الله إليه. أرسله إليها ليخطبها عليه.
عن أنس- رضي الله عنه- قال: لما انقضت عدة زينب- رضي الله عنها- قال رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- لزيد بن حارثة. «اذهب فاذكرها عليّ» فانطلق حتى أتاها وهي تخمر عجينها. قال: فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها، وأقول: إن رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- ذكرها! فوليتها ظهري، ونكصت على عقبي، وقلت: يا زينب. أبشري. أرسلني رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- بذكرك. قالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أوامر ربي عز وجل. فقامت إلى مسجدها. ونزل القرآن. وجاء رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- فدخل عليها بغير إذن [1] ...

[1] رواه الإمام أحمد وأخرجه مسلم والنسائي من طرق عن سليمان بن المغيرة..
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2869
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست