responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2849
سبعة أرقعة» (أي سماوات) .
ثم أمر رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- بالأخاديد فخدت في الأرض، وجيء بهم مكتفين، فضرب أعناقهم. وكانوا ما بين السبع مائة، والثماني مائة. وسبي من لم ينبت (كناية عن البلوغ) مع النساء والأموال.
وفيهم حيي بن أخطب. وكان قد دخل معهم في حصنهم كما عاهدهم.
ومنذ ذلك اليوم ذلت يهود، وضعفت حركة النفاق في المدينة وطأطأ المنافقون رؤوسهم، وجبنوا عن كثير مما كانوا يأتون. وتبع هذا وذلك أن المشركين لم يعودوا يفكرون في غزو المسلمين، بل أصبح المسلمون هم الذين يغزونهم. حتى كان فتح مكة والطائف. ويمكن أن يقال: إنه كان هناك تلازم بين حركات اليهود وحركات المنافقين وحركات المشركين. وإن طرد اليهود من المدينة قد أنهى هذا التلازم، وإنه كان فارقا واضحا بين عهدين في نشأة الدولة الإسلامية واستقرارها.
فهذا مصداق قول الله سبحانه:
«وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً. وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها. وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً» .
والصياصي: الحصون والأرض التي ورثها المسلمون ولم يطؤوها، ربما كانت أرضا مملوكة لبني قريظة خارج محلتهم. وقد آلت للمسلمين فيما آل إليهم من أموالهم. وربما كانت إشارة إلى تسليم بني قريظة أرضهم بغير قتال. ويكون الوطء معناه الحرب التي توطأ فيها الأرض.
«وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً» ..
فهذا هو التعقيب المنتزع من الواقع وهو التعقيب الذي يرد الأمر كله إلى الله. وقد مضى السياق في عرض المعركة كلها يرد الأمر كله إلى الله. ويسند الأفعال فيها إلى الله مباشرة. تثبيتا لهذه الحقيقة الكبيرة، التي يثبتها الله في قلوب المسلمين بالأحداث الواقعة، وبالقرآن بعد الأحداث، ليقوم عليها التصور الإسلامي في النفوس.
وهكذا يتم استعراض ذلك الحادث الضخم. وقد اشتمل على السنن والقيم والتوجيهات والقواعد التي جاء القرآن ليقيمها في قلوب الجماعة المسلمة وفي حياتها على السواء.
وهكذا تصبح الأحداث مادة للتربية ويصبح القرآن دليلا وترجمانا للحياة وأحداثها، ولاتجاهها وتصوراتها. وتستقر القيم، وتطمئن القلوب، بالابتلاء وبالقرآن سواء! انتهى الجزء الحادي والعشرون ويليه الجزء الثاني والعشرون مبدوءا بقوله تعالى:
«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ ... »

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2849
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست