responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2848
فهكذا كان الأمر إبان معركة الأحزاب.
فلما أيد الله تعالى نبيه بنصره، ورد أعداءه بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال.. رجع النبي- صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة منصورا، ووضع الناس السلاح، فبينما رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- يغتسل من وعثاء المرابطة، في بيت أم سلمة- رضي الله عنها- إذ تبدى له جبريل- عليه السّلام- فقال:
«أوضعت السلاح يا رسول الله؟ قال- صلّى الله عليه وسلّم-: نعم» . قال: «ولكن الملائكة لم تضع أسلحتها! وهذا أوان رجوعي من طلب القوم» . ثم قال: «إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تنهض إلى بني قريظة» - وكانت على أميال من المدينة-. وذلك بعد صلاة الظهر. وقال- صلّى الله عليه وسلّم: «لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة» . فسار الناس في الطريق، فأدركتهم الصلاة في الطريق، فصلّى بعضهم في الطريق، وقالوا: لم يرد رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- إلا تعجيل المسير. وقال آخرون: لا نصليها إلا في بني قريظة. فلم يعنف واحدا من الفريقين.
وتبعهم رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- وقد استخلف على المدينة ابن أم مكتوم (صاحب عبس وتولى أن جاءه الأعمى..) رضي الله عنه- وأعطى الراية لعلي بن أبي طالب- رضي الله عنه- ثم نازلهم رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- وحاصرهم خمسا وعشرين ليلة. فلما طال عليهم الحال نزلوا على حكم سعد بن معاذ سيد الأوس- رضي الله عنه- لأنهم كانوا حلفاءهم في الجاهلية. واعتقدوا أنه يحسن إليهم في ذلك كما فعل عبد الله بن أبي بن سلول في مواليه بني قينقاع حتى استطلقهم من رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- فظن هؤلاء أن سعدا سيفعل فيهم كما فعل ابن أبي في أولئك. ولم يعلموا أن سعدا- رضي الله عنه- كان قد أصابه سهم في أكحله (وهو عرق رئيسي في الذراع لا يرقأ إذا قطع) أيام الخندق فكواه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- في أكحله، وأنزله في قبة في المسجد ليعوده من قريب وقال سعد- رضي الله عنه- فيما دعا به: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقنا لها وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة. فاستجاب الله تعالى دعاءه. وقدر عليهم أن ينزلوا على حكمه باختيارهم، طلبا من تلقاء أنفسهم.
فعند ذلك استدعاه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- من المدينة ليحكم فيهم. فلما أقبل- وهو راكب على حمار قد وطأوا له عليه- جعل الأوس يلوذون به، يقولون: يا سعد إنهم مواليك، فأحسن عليهم. ويرققونه عليهم ويعطفونه. وهو ساكت لا يرد عليهم فلما أكثروا عليه قال- رضي الله عنه-: لقد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم. فعرفوا أنه غير مستبقيهم! فلما دنا من الخيمة التي فيها رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- قال رسول الله: «قوموا إلى سيدكم» فقام إليه المسلمون فأنزلوه إعظاما وإكراما واحتراما له في محل ولايته، ليكون أنفذ لحكمه فيهم.
فلما جلس قال له رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: «إن هؤلاء- وأشار إليهم- قد نزلوا على حكمك.
فاحكم فيهم بما شئت» فقال- رضي الله عنه-: وحكمي نافذ عليهم؟ قال- صلّى الله عليه وسلّم-: «نعم» .
قال: وعلى من في هذه الخيمة؟ قال: «نعم» . قال: وعلى من هاهنا (وأشار إلى الجانب الذي فيه رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- وهو معرض بوجهه عن رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم- إجلالا وإكراما وإعظاما) .
فقال رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: «نعم» . فقال- رضي الله عنه-: إني أحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذريتهم وأموالهم. فقال له رسول الله- صلّى الله عليه وسلّم-: «لقد حكمت بحكم الله تعالى من فوق

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2848
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست