responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2724
أو ليس يعلم ما تنطوي عليه تلك الصدور من صبر أو جزع، ومن إيمان أو نفاق؟ فمن الذي يخدعه هؤلاء وعلى من يموهون؟
«وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ» ..
وليكشفنهم فيعرفون فما كانت الفتنة إلا ليتبين الذين آمنوا ويتبين المنافقون.
ونقف لحظة أمام التعبير القرآني الدقيق وهو يكشف عن موضع الخطأ في هذا النموذج من الناس حين يقول:
«جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ» ..
فليست الغلطة أن صبرهم قد ضعف عن احتمال العذاب، فمثل هذا يقع للمؤمنين الصادقين في بعض اللحظات- وللطاقة البشرية حدود- ولكنهم يظلون يفرقون تفرقة واضحة في تصورهم وشعورهم بين كل ما يملكه البشر لهم من أذى وتنكيل، وبين عذاب الله العظيم فلا يختلط في حسهم أبدا عالم الفناء الصغير وعالم الخلود الكبير، حتى في اللحظة التي يتجاوز عذاب الناس لهم مدى الطاقة وجهد الاحتمال.. إن الله في حس المؤمن لا يقوم له شيء، مهما تجاوز الأذى طاقته واحتماله.. وهذا هو مفرق الطريق بين الإيمان في القلوب والنفاق.
وأخيرا يعرض فتنة الإغواء والإغراء ويعرض معها فساد تصور الذين كفروا للتبعة والجزاء ويقرر فردية التبعة وشخصية الجزاء. وهو المبدأ الإسلامي الكبير، الذي يحقق العدل في أجلى مظاهره، وأفضل أوضاعه:
«وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا: اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ. وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ. إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ، وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ» ..
وقد كان الذين كفروا يقولون هذا تمشيا مع تصورهم القبلي في احتمال العشيرة للديات المشتركة والتبعات المشتركة. يحسبون أنهم قادرون على احتمال جريرة الشرك بالله عن سواهم وإعفائهم منها. ذلك إلى التهكم على قصة الجزاء في الآخرة إطلاقا:
«اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ» ..
ومن ثم يرد عليهم الرد الحاسم، فيرد كل إنسان إلى ربه فردا، يؤاخذه بعمله، لا يحمل أحد عنه شيئا:
«وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ» ..
ويجبهم بما في قولتهم هذه من كذب وادعاء:
«إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ» ..
ويحملهم وزر ضلالهم وشركهم وافترائهم، ووزر إضلالهم للآخرين. دون أن يعفي هؤلاء من تبعة الضلال:
«وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ. وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ» .
ويغلق هذا الباب من أبواب الفتنة فيعلم الناس أن الله لا يحاسبهم جماعات. إنما يحاسبهم أفرادا، وأن كل امرئ بما كسب رهين..

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2724
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست