نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 2670
الذي حرمها، لا شريك له ويكمل التصور الإسلامي للألوهية الواحدة، فرب هذه البلدة هو رب كل شيء في الوجود «وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ» ويعلن أنه مأمور بأن يكون من المسلمين. المسلمين كل ما فيهم له. لا شركة فيهم لسواه. وهم الرعيل الممتد في الزمن المتطاول من الموحدين المستسلمين.
هذا قوام دعوته. أما وسيلة هذه الدعوة فهي تلاوة القرآن:
«وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ» ..
فالقرآن هو كتاب هذه الدعوة ودستورها ووسيلتها كذلك. وقد أمر أن يجاهد به الكفار. وفيه وحده الغناء في جهاد الأرواح والعقول. وفيه ما يأخذ على النفوس أقطارها، وعلى المشاعر طرقها وفيه ما يزلزل القلوب الجاسية ويهزها هزا لا تبقى معه على قرار. وما شرع القتال بعد ذلك إلا لحماية المؤمنين من الفتنة، وضمان حرية الدعوة بهذا القرآن، والقيام على تنفيذ الشرائع بقوة السلطان. أما الدعوة ذاتها فحسبها كتابها.. «وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ» ..
«فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ. وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ: إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ» ..
وفي هذا تتمثل فردية التبعة في ميزان الله، فيما يختص بالهدى والضلال. وفي فردية التبعة تتمثل كرامة هذا الإنسان، التي يضمنها الإسلام، فلا يساق سوق القطيع إلى الإيمان. إنما هي تلاوة القرآن، وتركه يعمل عمله في النفوس، وفق منهجه الدقيق العميق، الذي يخاطب الفطرة في أعماقها، وفق ناموسها المتسق مع منهج القرآن.
«وَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ» مقدمة لما يتحدث عنه من صنع الله:
«سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها» ..
وصدق الله. ففي كل يوم يري عباده بعض آياته في الأنفس والآفاق. ويكشف لهم عن بعض أسرار هذا الكون الحافل بالأسرار.
«وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» ..
وهكذا يلقي إليهم في الختام هذا الإيقاع الأخير، في هذا التعبير الملفوف. اللطيف. المخيف.. ثم يدعهم يعملون ما يعملون، وفي أنفسهم أثر الإيقاع العميق: «وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ» ..
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 2670