responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2667
المعروضتين للأبصار وهم عنها غافلون. ثم يرتد بهم ثانية إلى مشهد الفزع يوم ينفخ في الصور، ويوم تسير الجبال وتمر مر السحاب ويعرض عليهم مشهد المحسنين آمنين من ذلك الفزع، والمسيئين كبت وجوههم في النار:
«وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ، أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ» .
«وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ. حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ: أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً؟ أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ؟ وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ» .
«أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً؟ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» ..
«وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ، وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ. وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ. صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ، إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ. مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها، وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ. وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ. هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ؟» ..
وقد ورد ذكر خروج الدابة المذكورة هنا في أحاديث كثيرة بعضها صحيح وليس في هذا الصحيح وصف للدابة. إنما جاء وصفها في روايات لم تبلغ حد الصحة. لذلك نضرب صفحا عن أوصافها، فما يعني شيئا أن يكون طولها ستين ذراعا، وأن تكون ذات زغب وريش وحافر، وأن يكون لها لحية! وأن يكون رأسها رأس ثور، وعينها عين خنزير، وأذنها أذن فيل. وقرنها قرن أيل، وعنقها عنق نعامة، وصدرها صدر أسد، ولونها لون نمر، وخاصرتها خاصرة هو، وذنبها ذنب كبش، وقوائمها قوائم بعير.. إلخ هذه الأوصاف التي افتن فيها المفسرون! وحسبنا أن نقف عند النص القرآني والحديث الصحيح الذي يفيد أن خروج الدابة من علامات الساعة، وأنه إذا انتهى الأجل الذي تنفع فيه التوبة وحق القول على الباقين فلم تقبل منهم توبة بعد ذلك وإنما يقضى عليهم بما هم عليه.. عندئذ يخرج الله لهم دابة تكلمهم. والدواب لا تتكلم، أولا يفهم عنها الناس. ولكنهم اليوم يفهمون، ويعلمون أنها الخارقة المنبئة باقتراب الساعة. وقد كانوا لا يؤمنون بآيات الله، ولا يصدقون باليوم الموعود.
ومما يلاحظ أن المشاهد في سورة النمل مشاهد حوار وأحاديث بين طائفة من الحشرات والطير والجن وسليمان عليه السّلام. فجاء ذكر «الدابة» وتكليمها الناس متناسقا مع مشاهد السورة وجوها، محققا لتناسق التصوير في القرآن، وتوحيد الجزئيات التي يتألف منها المشهد العام [1] .
ويعبر السياق من هذه العلامة الدالة على اقتراب الساعة، إلى مشهد الحشر! «وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ» ..
والناس كلهم يحشرون. إنما شاء أن يبرز موقف المكذبين «فَهُمْ يُوزَعُونَ» يساقون أولهم على آخرهم، حيث لا إرادة لهم ولا وجهة ولا اختيار.
«حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ: أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً؟ أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ؟» .
والسؤال الأول للتخجيل والتأنيب. فمعروف أنهم كذبوا بآيات الله. أما السؤال الثاني فملؤه التهكم، وله في لغة التخاطب نظائر: أكذبتم؟ أم كنتم تعملون ماذا؟ فما لكم عمل ظاهر يقال: إنكم قضيتم حياتكم فيه، إلا

[1] يراجع فصل التناسق الفني في كتاب: التصوير الفني في القرآن من ص 86 إلى ص 107 من الطبعة الثالثة. «دار الشروق» .
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 5  صفحه : 2667
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست