نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 5 صفحه : 2576
ويرد على تطاولهم هذا بتمجيد الله سبحانه وتكبيره والتحدث ببركته وعظمته، وعظمة خلقه، وآياته المذكرة به في هذا الخلق العظيم.
«تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً. وَجَعَلَ فِيها سِراجاً، وَقَمَراً مُنِيراً. وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ، أَوْ أَرادَ شُكُوراً» ..
والبروج- على الأرجح- منازل الكواكب السيارة ومداراتها الفلكية الهائلة. والفخامة هنا تقابل في الحس ذلك الاستخفاف في قولة المشركين: «وَمَا الرَّحْمنُ؟» فهذا شيء من خلقه ضخم هائل عظيم في الحس وفي الحقيقة وفي هذه البروج تنزل الشمس ويسميها «سِراجاً» لما تبعث به من ضوء إلى أرضنا وغيرها.
وفيها القمر المنير الذي يبعث بنوره الهادئ اللطيف.
ويعرض كذلك مشهد الليل والنهار وتعاقبهما. وهما آيتان مكرورتان ينساهما الناس، وفيهما الكفاية:
«لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً» . ولولا أن جعلهما كذلك يتعاوران الناس، ويخلف أحدهما أخاه، ما أمكنت الحياة على ظهر هذا الكوكب لإنسان ولا لحيوان ولا لنبات. بل لو أن طولهما تغير لتعذرت كذلك الحياة.
جاء في كتاب: «الإنسان لا يقوم وحده» (العلم يدعو إلى الإيمان) .
«تدور الكرة الأرضية حول محورها مرة في كل أربع وعشرين ساعة، أو بمعدل نحو ألف ميل في الساعة.
والآن افرض أنها تدور بمعدل مائة فقط في الساعة. ولم لا؟ عندئذ يكون ليلنا ونهارنا أطول مما هما الآن عشر مرات. وفي هذه الحالة قد تحرق شمس الصيف الحارة نباتاتنا في كل نهار. وفي الليل يتجمد كل نبت في الأرض!» فتبارك الذي خلق السماوات والأرض، وخلق كل شيء فقدره تقديرا. وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا. «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً» ..