نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2510
من قريش، فقال: السلام عليكم. أأدخل؟ قالت: ادخل بسلام. فأعاد. فأعادت. وهو يراوح بين قدميه. قال: قولي: ادخل. قالت: ادخل. فدخل! وروى عطاء بن رباح عن ابن عباس- رضي الله عنهما، قال: قلت أأستأذن على أخواتي أيتام في حجري معي في بيت واحد؟ قال: نعم. فرددت عليه ليرخص لي فأبى، فقال: تحب أن تراها عريانة؟ قلت: لا.
قال: فاستأذن. قال: فراجعته أيضا. فقال: أتحب أن تطيع الله؟ قال: قلت: نعم. قال: فاستأذن.
وجاء في الصحيح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه نهى أن يطرق الرجل أهله طروقا.. وفي رواية: ليلا يتخونهم.
وفي حديث آخر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة نهارا، فأناخ بظاهرها وقال: «انتظروا حتى ندخل عشاء- يعني آخر النهار- حتى تمتشط الشعثة، وتستحد [1] المغيبة» .
إلى هذا الحد من اللطف والدقة بلغ حس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وصحابته، بما علمهم الله من ذلك الأدب الرفيع الوضيء، المشرق بنور الله.
ونحن اليوم مسلمون، ولكن حساسيتنا بمثل هذه الدقائق قد تبلدت وغلظت. وإن الرجل ليهجم على أخيه في بيته، في أية لحظة من لحظات الليل والنهار، يطرقه ويطرقه ويطرقه فلا ينصرف أبدا حتى يزعج أهل البيت فيفتحوا له. وقد يكون في البيت هاتف «تليفون» يملك أن يستأذن عن طريقه، قبل أن يجيء، ليؤذن له أو يعلم أن الموعد لا يناسب ولكنه يهمل هذا الطريق ليهجم في غير أوان، وعلى غير موعد.
ثم لا يقبل العرف أن يرد عن البيت- وقد جاء- مهما كره أهل البيت تلك المفاجأة بلا إخطار ولا انتظار! ونحن اليوم مسلمون، ولكننا نطرق إخواننا في أية لحظة في موعد الطعام. فإن لم يقدم لنا الطعام وجدنا في أنفسنا من ذلك شيئا! ونطرقهم في الليل المتأخر، فإن لم يدعونا إلى المبيت عندهم وجدنا في أنفسنا من ذلك شيئا! دون أن نقدر أعذارهم في هذا وذاك! ذلك أننا لا نتأدب بأدب الإسلام ولا نجعل هوانا تبعا لما جاء به رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إنما نحن عبيد لعرف خاطئ، ما أنزل الله به من سلطان! ونرى غيرنا ممن لم يعتنقوا الإسلام، يحافظون على تقاليد في سلوكهم تشبه ما جاء به ديننا ليكون أدبا لنا في النفس، وتقليدا من تقاليدنا في السلوك. فيعجبنا ما نراهم عليه أحيانا ونتندر به أحيانا. ولا نحاول أن نعرف ديننا الأصيل، فنفيء إليه مطمئنين.
وبعد الانتهاء من أدب الاستئذان على البيوت- وهو إجراء وقائي في طريق تطهير المشاعر واتقاء أسباب الفتنة العابرة- يأخذ على الفتنة الطريق كي لا تنطلق من عقالها، بدافع النظر لمواضع الفتنة المثيرة، وبدافع الحركة المعبرة، الداعية إلى الغواية:
«قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ: يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ، وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ، ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ. إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ. [1] تتطيب من الشعر الداخلي. [.....]
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2510