نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2509
فكم منا يحب أن يراه الناس وهو في حالة ضعف يبكي لانفعال مؤثر، أو يغضب لشأن مثير، أو يتوجع لألم يخفيه عن الغرباء؟! وكل هذه الدقائق يرعاها المنهج القرآني بهذا الأدب الرفيع، أدب الاستئذان ويرعى معها تقليل فرص النظرات السانحة والالتقاءات العابرة، التي طالما أيقظت في النفوس كامن الشهوات والرغبات وطالما نشأت عنها علاقات ولقاءات، يدبرها الشيطان، ويوجهها في غفلة عن العيون الراعية، والقلوب الناصحة، هنا أو هناك! ولقد وعاها الذين آمنوا يوم خوطبوا بها أول مرة عند نزول هذه الآيات. وبدأ بها رسول الله- عليه الصلاة والسلام.
أخرج أبو داود والنسائي من حديث أبي عمر الأوزاعي- بإسناده- عن قيس بن سعد هو ابن عبادة قال: زارنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في منزلنا فقال: «السلام عليكم ورحمة الله» فرد سعد ردا خفيا. قال قيس: فقلت: ألا تأذن لرسول الله- صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: دعه يكثر علينا من السلام.
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «السلام عليكم ورحمة الله» . فرد سعد ردا خفيا. ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «السلام عليكم ورحمة الله» . ثم رجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأتبعه سعد فقال: يا رسول الله إني كنت أسمع تسليمك وأرد عليك ردا خفيا لتكثر علينا من السلام- فقال:
فانصرف معه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأمر له سعد بغسل فاغتسل ثم ناوله خميصة [1] مصبوغة بزعفران أو ورس، فاشتمل بها، ثم رفع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يديه، وهو يقول: «اللهم اجعل صلاتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة» ... إلخ الحديث.
وأخرج أبو داود- بإسناده- عن عبد الله بن بشر قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: «السلام عليكم.
السلام عليكم» . ذلك أن الدور لم يكن يومئذ عليها ستور.
وروى أبو داود كذلك- بإسناده- عن هذيل قال: جاء رجل- قال عثمان: سعد- فوقف على باب النبي- صلى الله عليه وسلم- يستأذن. فقام على الباب- قال عثمان: مستقبل الباب- فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم-: «هكذا عنك- أو هكذا- فإنما الاستئذان من النظر» .
وفي الصحيحين عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن، فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جناح» .
وروى أبو داود- بإسناده- عن ربعي قال: أتى رجل من بني عامر استأذن على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو في بيته فقال: أألج؟ فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- لخادمه: «اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان، فقل له: قل: السلام عليكم. أأدخل؟» فسمعها الرجل فقال: السلام عليكم. أأدخل؟
فأذن له النبي- صلى الله عليه وسلم- فدخل.
وقال هشيم: قال مغيرة: قال مجاهد: جاء ابن عمر من حاجة، وقد آذاه الرمضاء فأتى فسطاط امرأة [1] لخميصة: ثوب خز أو صوف معلم.
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 4 صفحه : 2509