responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2432
الله سورة النجم قال: «أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى؟ أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى؟» ألقى الشيطان عندها كلمات حين ذكر الله الطواغيت فقال: وإنهن لهن الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى.. وكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته.. فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك بمكة، وزلت بها ألسنتهم، وتباشروا بها، وقالوا: إن محمدا قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه.. فلما بلغ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- آخر النجم سجد، وسجد كل من حضره من مسلم أو مشرك. غير أن الوليد بن المغيرة كان رجلا كبيرا فرفع ملء كفه ترابا فسجد عليه. فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم في السجود لسجود رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأما المسلمون فعجبوا لسجود المشركين معهم على غير إيمان ولا يقين.
ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقى الشيطان في مسامع المشركين، فاطمأنت أنفسهم- أي المشركون- لما ألقى الشيطان في أمنية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وحدثهم به الشيطان أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد قرأها في السورة، فسجدوا لتعظيم آلهتهم. ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة ومن بها من المسلمين: عثمان بن مظعون وأصحابه وتحدثوا أن أهل مكة قد أسلموا كلهم، وصلوا مع رسول الله وبلغهم سجود الوليد بن المغيرة على التراب على كفه وحدثوا أن المسلمين قد أمنوا بمكة، فأقبلوا سراعا، وقد نسخ الله ما ألقى الشيطان، وأحكم الله آياته، وحفظه من الفرية، وقال:
«وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ، فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ. ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ. وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ» .. فلما بين الله قضاءه، وبرأه من سجع الشيطان انقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم على المسلمين، واشتدوا عليهم» ..
قال ابن كثير: وقد ساق البغوي في تفسيره روايات مجموعة من كلام ابن عباس، ومحمد بن كعب القرظي وغيرهما بنحو من ذلك، ثم سأل هاهنا سؤالا: كيف وقع مثل هذا مع العصمة المضمونة من الله تعالى لرسوله- صلوات الله وسلامه عليه- ثم حكى أجوبة عن الناس، من ألطفها أن الشيطان أوقع في مسامع المشركين ذلك. فتوهموا أنه صدر عن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- وليس كذلك في نفس الأمر، بل إنما كان من صنيع الشيطان لا عن رسول الرحمن- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- والله أعلم.
وقال البخاري: قال ابن عباس: «فِي أُمْنِيَّتِهِ» إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه. فيبطل الله ما يلقي الشيطان «ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ» .
وقال مجاهد: «إِذا تَمَنَّى» يعني إذا قال ويقال أمنيته: قراءته.
وقال البغوي: وأكثر المفسرين قالوا: معنى قوله: «تَمَنَّى» أي تلا وقرأ كتاب الله «أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ» أي في تلاوته.
وقال ابن جرير عن تفسير «تَمَنَّى» بمعنى تلا: هذا القول أشبه بتأويل الكلام! هذه خلاصة تلك الروايات في هذا الحديث الذي عرف بحديث الغرانيق.. وهو من ناحية السند واهي الأصل. قال علماء الحديث: إنه لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه بسند سليم متصل ثقة. وقال أبو بكر البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- بإسناد متصل يجوز ذكره.
وهو من ناحية موضوعه يصادم أصلا من أصول العقيدة وهو عصمة النبي- صلى الله عليه وسلم- من أن يدس عليه الشيطان شيئا في تبليغ رسالته.

نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب    جلد : 4  صفحه : 2432
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست